هم ليسوا مجرّد أرقام. هم حيوات مكتملة تأبى النزول ولو درجة إلى ما يريده السجّان. صحيح أن أسماءهم صعبة الإحصاء لكثرتهم، إلا أن قصصهم لا يمكن إلّا أن تحفر عميقاً في وجدان ناسهم. قد لا يحتاج المرء إلى مناسبة خاصة لتَذكّرهم، لكن في كلّ مرّة يتجدّد فيها الحديث عن صفقة تبادل مع الجلّاد، تعود مآسيهم لتقفز إلى الواجهة، باعثةً الأمل بتخليصهم من معاناة «خيالية» تأكل أعمارهم وتنهش حرّيتهم. الأسرى الفلسطينيون في سجون العدو الإسرائيلي، عنوانُ صمود ورايةُ تحدٍّ مطبوعةٌ بمليونَي اسم منذ النكسة. يصارع قرابة 5000 منهم، اليوم، وحشاً عازماً على الهبوط بهم إلى ما «دون الحيوانية»، فيما هم مُصرّون، بإرادة مثيرة للدهشة، على العودة إلى حياة تنتظرهم خارج القضبان، ولو اشتدّ «الوجع اللي في قلبي»، والذي «لا يُمكن أن يُكتب في سطور»، كما وصّفته الأسيرة الحامل أنهار الديك، في صرختها الأخيرة من داخل معتقلها