تفيد مصادر محلية بأن إطلاق النار على السلطة كان في أول يومين عقب مقتل أبو رزق، لكنّ شباناً وفتية استمرّوا في مواجهات بالحجارة والزجاجات الحارقة والأكواع المتفجّرة ضدّ الأمن الذي لم يفارق المخيم. والحصيلة إصابة ثمانية عناصر قبل أيام، يضافون إلى رجل أمن آخر أصيب في الـ22 من الشهر الماضي، وقبله بثلاثة أسابيع عنصر آخر من الشرطة الخاصة. وفي الخلفيات، تتّهم رام الله «جماعة أبو رزق» بأنها تتبع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، فيما تنكر الجماعة هذه الاتهامات وتقول إن قيادات في الأمن تصرّ على عقابها وتصفيتها.
وسط ذلك، تقول مصادر «فتحاوية» إن الثابت من التجارب الأخيرة هو وجود «ماكينة إعلامية» لدحلان تستغلّ الأحداث في بلاطة وغيره لتأجيج الغضب ضدّ السلطة، وخلق صدام داخلي أكبر، بصرف النظر عن تبعية مطلقي النار أو مَن يقود الصدامات. وليس بعيداً من نابلس، شهد مقرّ المقاطعة في جنين (شمال) إطلاق نار كثيفاً من مسلّحين قبل أيام، فيما قالت مصادر أمنية ومحلية لـ«الأخبار» إن مسلحين أطلقوا النار احتجاجاً على اعتقال السلطة تاجر سلاح يدعى بشار القصراوي. أمّا في طولكرم، فتَسبّب إطلاق نار مِمَّن يُسمّون «طخيخة الأعراس» في مقتل شاب وإصابة آخرين، من جرّاء سقوط سلك كهرباء ذي ضغط عالٍ على جماهير كانت في استقبال الأسير فايز أبو صفيرة.
تسبّبت الاشتباكات في 11 إصابة في صفوف قوات الأمن التابعة للسلطة
أمّا جنوباً، فجاءت شرارة الأحداث من قرار حكومة محمد اشتية فرض إغلاق على أربع محافظات لأسبوع بسبب تفشي فيروس كورونا المستجدّ، من بينها الخليل. فقد رأى بعض رجال العشائر والتجار هناك أن استثناء رام الله بوصفها العاصمة السياسية من الإغلاق وفرضه على الخليل «أمر مقصود وغير مقبول». من جرّاء ذلك، انطلق اعتصامٌ على دوار ابن رشد وسط المحافظة ليومين من دون تدخل الأمن، لكن في اليوم الثالث (يوم فرض الإغلاق) انتشرت قوات كبيرة من السلطة لتطبيق الإغلاق بالقوة. وفي الليلة نفسها، دعا فريد خضر الجعبري (أبو خضر) إلى اجتماع في اليوم التالي في ديوان العشيرة، علماً بأنه من كبار رجال العشائر في الخليل، وتلاحقه اتهامات بالتواصل مع «الإدارة المدنية» الإسرائيلية ولقاء مستوطنين وضباطٍ في جيش العدو.
وخلال الاجتماع الحاشد هناك، انتشرت قوة كبيرة من أمن السلطة في المكان وحاصرته، وأطلقت وابلاً من قنابل الغاز لتفريق الحضور بسبب «مخالفة الاجتماع قرار الإغلاق القاضي بمنع الحركة وحظر التجمّعات». وعلى الفور، تدخّل مسلحون من عشيرة الجعبري، وأطلقوا النار على عناصر الأمن، الذين رشقهم أيضاً شبان آخرون بالحجارة، ما أدى إلى انسحابهم. أمّا «أبو خضر»، فقال إن الاجتماع كان مخصّصاً للتباحث في تصريحات للصحافي محمد اللحام على فضائية «معاً»، هاجمه فيها، متّهماً إيّاه بالارتماء في حضن الاحتلال والعمالة. لكن «الليلة الأعنف» جاءت بعد أحداث في الخليل، إذ شهدت بلدة بيت أمر (شمالي الخليل) إطلاق أمن السلطة النار في الهواء لفرض إغلاق المحال التجارية، فتعرّضت القوة الأمنية لإطلاق نار قرب منطقة مثلث البلدية.
وعقب تصاعد الإصابات بين أمن السلطة، هدّد محافظ نابلس، إبراهيم رمضان، بالعودة إلى قواعد إطلاق النار القديمة، قائلاً: «من يطلق النار، فسنردّ عليه بالمثل». كما هدّد المتحدث باسم أمن السلطة، عدنان الضميري، أمس، بأن «من يطلق النار على عناصر الأمن ومؤسّساتهم، فسنفتح النيران مباشرة عليه». وبالتزامن، أطلّ فجأة مسلّحون يصنفون أنفسهم بأنهم ينتمون إلى «فتح» تارة وذراعها العسكرية «كتائب شهداء الأقصى» تارة أخرى، في بيانات مصوّرة، لتهديد «مَن يطلق النار على الأمن بإطلاق النار نحوه»، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول مَن يستغلّ اسم الكتائب التي حلّها رئيس السلطة وقائد «فتح»، محمود عباس، منذ زمن.
تقول مصادر أمنية إن «أذرع دحلان الإعلامية عبر مواقع التواصلّ تستغل إرث كتائب الأقصى في تأجيج الصدام، فتنعى ضحايا الصدام مع السلطة بوصفهم قادة للكتائب ومطلوبين للعدو، مع أن الاحتلال لم يقتحم بيوتهم منذ سنوات طويلة». لكن هذه المصادر تقول إن «صمت السلطة عن الآلاف من قطع السلاح يرتدّ عليها... كل ما يجري لا رابح منه سوى العدو الذي يواصل استيطانه واقتحاماته بسهولة». أمّا السيناريو الأصعب، وفق المصادر نفسها، فهو أن «جلّ المحافظات فيها رجال للإدارة المدنية الإسرائيلية ولا أحد يحاسبهم، وهم جاهزون كبدائل في حال رحيل السلطة، وهذا ليس سرّاً، خاصة أن الإسرائيليين لو استشعروا أيّ خطر من هذا السلاح، لكان أصحابه ملاحَقين فوراً».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا