يوحي استمرار التصعيد الشعبي ضد أنقرة بافتقاد الأكراد الثقة بقدرة واشنطن على حمايتهم
ويعكس استطلاع رأي عشوائي أجري في عام 2014، في مدينة عامودا عاصمة «الإدارة الذاتية»، رغبة سكان المدينة في المشاركة في الانتخابات الرئاسية آنذاك، وموافقة الإدارة الذاتية على وضع صناديق انتخابية تُمكّن السكان من المشاركة في الاستحقاق الدستوري. وشمل الاستطلاع المذكور عشرة أشخاص، أبدى سبعة منهم رغبتهم في انتخاب الرئيس بشار الأسد رئيساً للبلاد، فيما عارض شخصان آخران الخطوة، ورأى ثالث أن الأمر لا يعنيه مطلقاً. وعلى رغم أنه في عام 2014 لم تكن الدولة السورية تسيطر إلا على 20% من مساحة البلاد، إلا أن نتائج الاستطلاع عكست رغبة شعبية في عودة الدولة السورية إلى تلك المناطق. وربّما مع ارتفاع مستوى التهديدات التركية لشمال سوريا وشرقها، تتزايد الأصوات الداعية إلى حل سوري - سوري يحمي المنطقة.
يستذكر إبراهيم (اسم مستعار) فترة هجوم المجموعات المسلحة و«جبهة النصرة» على مدينته تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، والمجازر التي ارتكبوها بحقّ الأهالي، مع تصاعد الحديث عن دخول بري تركي وشيك إلى مدينته، ضمن اتفاق «المنطقة الآمنة». الرجل الذي فرّ باتجاه تركيا بعد احتلال تلك الجماعات لمنطقته، وعاد إثر سيطرة «قسد» عليها، يتمنى أن تعود الآن الدولة السورية إليها، على رغم أنه كان معارضاً لها. يقول إبراهيم لـ«الأخبار» إن «عودة الدولة السورية إلى تل أبيض وكامل الشريط الحدودي تعني استقراراً نهائياً»، ويرى أن «عودتها تعني بقاء السكان في منازلهم، والحفاظ على ممتلكاتهم وأرزاقهم». كذلك يرى هلات عنتر، أثناء مشاركته في وقفة احتجاجية نظمها «الحزب الشيوعي السوري» أمام المركز الثقافي في مدينة القامشلي، وأُحرق فيها العلمان التركي والأميركي تعبيراً عن رفض «المنطقة الآمنة»، أن «الاتفاق يكرس الاحتلال التركي للأراضي السورية، ويهدف إلى توسيعه»، داعياً «جميع الأطراف إلى احترام الحقوق الثقافية للكرد، وجميع المكونات الأخرى»، مشدداً على أن ذلك «سيزيد من صمود البلاد أمام كل المخططات التي تستهدفها». ويدين عنتر «التوجهات المنافية لمصلحة الوطن ووحدة ترابه»، لافتاً إلى أنها «تفيد المستعمرين فقط». من جهته، يشير حبيب جارو إلى أن «الاتفاق غير مقبول شعبياً»، وأنه «يهدد وحدة البلاد وسلامة أراضيها»، فيما يلفت الشاب سليمان من مدينة رأس العين، الذي انتهى للتوّ من تشييد منزله في المدينة وبدأ العمل ضمن مشروع صغير يمتلكه فيها، إلى أن «سكان رأس العين متخوفون من اتفاق المنطقة الآمنة، خصوصاً أنْ لا تفاصيل واضحه حوله»، مضيفاً أن «الأهالي يريدون اتفاقاً صريحاً بين الدولة السورية والإدارة الذاتية، يحمي مناطقهم من الأطماع التركية».