أربع سنوات مرّت على اعتلاء النجل الخامس والعشرين للملك المؤسِّس، عبد العزيز آل سعود، سدّة الملك في السعودية. أربع سنوات حفلت بالانقلابات والمغامرات وعمليات «التطهير» على المستويين الداخلي والخارجي. منذ ما قبل رحيل الملك السادس، عبد الله، بدأت ترتسم مسيرة الحكم السلماني القائمة على الإقصاء ومركزة السلطة، تمهيداً لحصرها في نهاية المطاف في يد الحفيد الأثير، محمد. وهي مسيرة لا تزال متواصلة، على رغم ما طرأ عليها أخيراً من عمليات فرملة اضطرارية، أعقبت مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي أثار عاصفة انتقادات ضد المملكة. هكذا، طغى منطق العصابة على الحدّ الأدنى من منطق الدولة، في وقت كان فيه صاحب «الأحلام المختلفة» يفتح حرباً خاسرة تلو أخرى على غير جبهة. بدءاً من اليمن، مروراً بقطر ولبنان والعراق، وصولاً أخيراً إلى كندا... تراءى للأمير القادم من عالم الديجيتال، حيث يسهل «الغزو» والانتصار، أن بإمكانه تسيّد الجزيرة العربية وتكميم أفواه العالم، بالاستفادة من الغطاء الأميركي المشترى بـ«الكثير من الأموال»، على حدّ تعبير دونالد ترامب، وبتقديم أوراق اعتماد متواصلة عمادها التطبيع مع إسرائيل وتعبيد الطريق أمام تصفية القضية الفلسطينية. لكن، تبين للشاب الطموح أن الواقع يختلف كلياً عن «الخيال» الحربي، تماماً مثلما تختلف الممكنات الاقتصادية والاجتماعية عن أحلام المدن الذكية. اليوم، ومع دخول الحكم «السلماني» عامه الخامس، يبدو أن في انتظار «السعودية الجديدة» مستقبلاً غامضاً في الحدّ الأدنى: تراكمات داخلية تهدّد بتصدّعات خطيرة، ومغالاة في القمع والترهيب لا يُضمن كمون تبعاتها، وحروب خارجية لا يُعلَم المخرج منها.