مهما يكن الأمر، أضرب، أمس، أكثر من 600 ألف موظف، على رغم تمتع موظفي الشركات العمومية، بترفيع في الأجور قبل بضعة أسابيع، حين فُصل بينهم وبين موظفي الإدارات خلال المفاوضات. وبرر «اتحاد الشغل» إضرابهم، بالتضامن مع بقية موظفي القطاع العام. شمل وقف العمل كل شيء تقريباً، من النقل والصحة والتعليم، حيث تمثل الدولة الفاعل الرئيسي، إلى الخدمات البنكية، وبعض المصانع، حيث الغلبة للقطاع الخاص.
حاولت الحكومة تقليص حدة الإضراب من خلال إعطاء يوم عطلة للمؤسسات التعليمية
نجح الإضراب في أغلب المناطق، بنسب تفوق 90 في المئة، وجابت مسيرة شملت عشرات آلاف الموظفين الشوارع الرئيسية للعاصمة، وتحركت بموازاتها مسيرات في بقية جهات البلاد. وقد حاولت الحكومة، تقليص حدة الإضراب، من خلال إعطاء يوم عطلة للمؤسسات التعليمية، والحفاظ على نسق عمل أدنى، من خلال إصدار تساخير (أوامر عمل ضمن قانون التسخير) تجبر بعض الموظفين على العمل، رأى «اتحاد الشغل» أنها غير قانونية، وتعهد برفع شكوى بخصوصها إلى «منظمة العمل الدولية». لكن الرسائل الأهم، وجهها أمينها العام الطبوبي، خلال تجمع جماهيري أمام المقر الرئيسي للمنظمة في العامة، حيث توجه إلى الحكومة بالقول «التساخير بلوها واشربوا مائها»، مؤكداً أن «العمال أفشلوا مخططات الدولة في بيع مؤسساتها». كما اعتبر أن يوم الإضراب «فارق في تاريخ تونس»، لناحية «الدفاع عن السيادة الوطنية، واستقلالية القرار الوطني، وحفظ الكرامة، والدفاع عن استحقاقات الشعب». وتحدّث الأمين العام أيضاً، عن الخطوات المستقبلية، لكن من دون تحديد معالمها، إذ قال إن الهيئة الإدارية للمنظمة، ستجتمع غداً السبت، للنظر في اتخاذ «قرار نضالي تصعيدي»، مضيفاً أن «المطالب تفتك ولا تهدى».
بدخوله في حالة صدام مفتوح مع «الاتحاد العام التونسي للشغل»، صار يوسف الشاهد، محاصراً يُصارع على جبهات عدة، للحفاظ على وجود حكومته، إذ بات يواجه إضافة إلى ذلك، حالة رفض سياسي من رئيس الجمهورية و«نداء تونس»، وضغوطاً اقتصادية تشمل ارتفاع نسبة التضخم، وبقاء عجز الموازنة العامة في مستويات مقلقة، وانخفاض المدخرات من العملة الصعبة، ومطالب اجتماعية بتوفير فرص عمل أكبر، واستثمارات خاصة في المناطق البعيدة عن العاصمة، والشريط الساحلي.