تحدثت أوساط معارضة عن وجود «إعادة هيكلة تركيّة للجبهة الوطنيّة»
ووضعت مصادر الموقع الأمر في سياق «إعادة هيكلة تركيّة للجبهة الوطنيّة»، الأمر الذي أشارت إليه «الأخبار» قبل يومين. ومن المتوقّع أن تُتمّ «النصرة» ابتلاع المناطق الموضوعة على لائحتها «في غضون عشرة أيام على الأكثر، قبل أن تنتقل إلى مرحلة إعادة ترتيب علاقاتها مع بقيّة المجموعات الجهاديّة»، على ما تؤكّده مصادر «الأخبار». وتنشط في ريف إدلب مجموعات عدّة، أبرزها «الحزب الإسلامي التركستاني» المرتبط بتحالفات وثيقة مع «النصرة»، و«جبهة أنصار الدين» (وفي عنقها «بيعة قاعديّة» و«أخوّة جهاد» حذرة مع «النصرة»)، وتنظيم «حرّاس الدين» (الذي ورث تمثيل «القاعدة» في سوريا عن «النصرة»)، إضافة إلى عدد من المجموعات الصغيرة. وشهدت العلاقة بين «النصرة» و«حرّاس الدين» تقلّبات في خلال الشهور الأخيرة، قبل أن تستقرّ في حالة «المراقبة الحذرة». وسرت في كواليس الناشطين المعارضين في خلال اليومين الماضيين تفسيراتٌ تردّ التطورات الأخيرة إلى «توافق بين لاعبي أستانا». وربطت هذه التفسيرات بين تمدد «النصرة» السريع، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرتقبة لروسيا، والقمة الرئاسية الثلاثية لـ«ضامني أستانا»، بعد أن أُعلنَ أمس إجراء ترتيباتٍ للحدَثين من دون تحديد مواعيد قاطعة. وترى هذه التفسيرات أنّ «الطريق لتنفيذ التوافقات سيكون سالكاً بتنسيق تركي مع النصرة بعد إتمام سيطرتها، وإعلانها تغييرات أيديولوجيّة». ومع التسليم بأنّ ملفّ «النصرة» سيكون حاضراً على طاولات الضامنين، فإنّ الجزمَ بدقة السيناريو المذكور، وإمكانية تنفيذه بسلاسة ينطوي على قدر كبير من «التفاؤل». ويُردّ ذلك في الدرجة الأولى إلى أنّ «كواليس هيئة تحرير الشام» ما زالت تعكس إصراراً على المضيّ في طريق «حكم الشريعة». وتؤكد مصادر من داخل «تحرير الشّام» أنّ كل الخطوات التالية ستكون منسجمة مع «المبادئ العامة للهيئة». وتتضمن المبادئ المذكورة مجموعة «ثوابت»، أهمّها أنّ «حاكميّة الشريعة هي غاية الجهاد والثورة»، إضافة إلى «رفض العملية السياسية»، ووجوب «إقامة حكم إسلامي يقوم على الشورى، ومفهوم أهل الحل والعقد»، فضلاً عن «علاقات متوازنة مع الجهات المؤثّرة». وإذا ما ظلّ الجولاني متمسّكاً بالفعل بهذه «الثوابت» فإنّ انخراطه في تطبيق التوافقات سلميّاً سيعني قبول اللاعبين الإقليميين والدوليين بـ«الإمارة»، وهو أمر مستحيل بفعل معطيات كثيرة. أما الطريق البديل، فيقود إلى إطلاق معركة كبرى تستهدف تصفية نفوذ «النصرة» بطريقة تستعيد سيناريو تصفية «داعش». ولا تزال أنقرة متمسّكة بموقف رافض لعمليّة من نوع هذا النوع، تحت شعار «الحفاظ على المدنيين»، والحيلولة دون «تدفق موجات لاجئين جديدة»، مع ما يشكله هذا من ورقة ضغط على أوروبا. وبرغم أنّ «مراعاة هواجس أنقرة» تبدو ممكنة إذا ما أفضت التطورات إلى توافق حاسم على شنّ المعركة، فإنّ الثمن المطلوب سيكون شراكة تركيّة حتميّة في المعركة، مع ما يعنيه ذلك من هيمنة تركيا على مساحات جديدة من الجغرافيا السوريّة. ويضاف إلى ذلك أنّ معركة من هذا النوع تستوجب جملة تفاهمات بالغة التعقيد، لا بين «ضامني أستانا» ودمشق فحسب، بل تتعدّاها إلى كل اللاعبين الفاعلين، بمن فيهم «التحالف الدولي»، ولا سيّما أعضاؤه الأوروبيون. تأسيساً على كل ما سبق، يغدو واجباً التساؤل عن فرص تطبيق سيناريو يفرضه «الأمر الواقع»، وخلاصته قبول مختلف الأطراف بحالة «ستاتيكو» تتعايش مع وجود «إمارة إسلاميّة» حتى إشعار آخر!