أضحت انتقالات اللاعبين بين الأندية عنصراً أساسياً في عالم كرة القدم الحديث وحاجة مهمة لزيادة المدخول. قبلاً، لم تكن الصورة بهذه الكيفية، إلا أن تغيّر القوانين التي لم تكن تتيح للفرق الأوروبية التعاقد مع أكثر من 3 لاعبين أجانب ومعها زيادة الأرباح من النقل التلفزيوني والاستثمارات الخارجية، أعطى للانتقالات بعداً آخر، بحيث ازدادت المبالغ أصفاراً من مختلف العملات النقدية حتى بلغت في يومنا هذا أرقاماً لا تصدق، وكان آخرها وأكبرها في التاريخ انتقال النجم الويلزي غاريث بايل من توتنهام هوتسبر الإنكليزي إلى ريـال مدريد بـ 100 مليون يورو.
صفقة بايل تبدو عيّنة ساطعة عمّا وصلت إليه الانتقالات من أهمية، التي يزداد الإنفاق فيها عاماً بعد آخر حيث تخطت المعدلات وأضحت الأرقام القياسية تضرب في هذا الفريق وتلك البطولة. ففي 2014، زاد الإنفاق على الانتقالات بنسبة 2,1% عن 2013. 13,090 ألف لاعب جرى تبادلهم بين الأندية في العالم، بمجموع وصل إلى 4,1 مليارات دولار من دون احتساب المبالغ التي تقاضاها الوكلاء والتي وصلت إلى 236 مليون دولار، وقد جاء الدوري الإنكليزي الممتاز، بطبيعة الحال، في المرتبة الأولى بمبلغ 1,4 مليار دولار بما يشكل ربع الإنفاق في العالم، فيما كانت أندية أوروبا في الطليعة بنسبة 87% من المجموع، وقد كان الدوري الإسباني الأكثر بيعاً للاعبين بحصيلة قياسية وصلت إلى 667 مليون دولار مقابل 584 مليون في 2013، متقدماً على الإنكليزي (523 مليون دولار) والبرتغالي (435 مليون)، فيما ظل اللاعبون البرازيليون الأكثر طلباً في سوق الانتقالات حيث احتلوا المرتبة الأولى في عام 2014 بانتقال 1,493 ألف لاعب مقابل 468 مليون دولار، متقدمين على جيرانهم الأرجنتينيين الذين جاؤوا في المرتبة الثانية بانتقال 810 لاعبين.

13,090 ألف لاعب
جرى تبادلهم بين
الأندية في العالم

هذه الأرقام تكفي للدلالة على أهمية هذا القطاع في عالم الكرة. في حقيقة الأمر، ومثلما تضع الفرق الخطط على أرض الملعب، فإن إدارات الأندية ترسم الاستراتيجيات في المكاتب للبيع والشراء من أجل تحصيل الأرباح. هنا العمل يتواصل على مدار العام عبر طواقم مختلفة لإجراء الدراسات والبحث والمفاوضات.
بناءً على ذلك، فإن الكثير من الأندية باتت تعطي أولوية لهذا المجال، بحيث أصبح لبعضها باع طويل وخبرة، وتحديداً في ابتياع المواهب من أميركا الجنوبية وأفريقيا، أو إعداد الناشئين في أكاديمياتها وبيعهم بعد سنوات بمبالغ مضاعفة مرات ومرات.
يكفي هنا التوقف عند بورتو البرتغالي كعيّنة ساطعة تؤكد هذه المسألة. ببساطة، هذا النادي يُعَد «مدرسة» في هذا المجال الذي يدرّ عليه أرباحاً لا تصدق، إذ إنه باع لاعبين بمبلغ وصل إلى 601 مليون يورو منذ عام 2004 قسم منهم من أبناء بورتو والقسم الآخر اشتراهم بمبالغ زهيدة وصنع منهم نجوماً على غرار ريكاردو كارفاليو الذي باعه عام 2004 لتشلسي الإنكليزي بـ 30 مليون يورو والكولومبي راداميل فالكاو الذي باعه عام 2011 لأتلتيكو مدريد الإسباني بمبلغ 45 مليون يورو بعدما اشتراه عام 2009 بمبلغ 3,93 ملايين فقط لا غير من ريفر بلايت الأرجنتيني، وهو السعر ذاته الذي حصل عليه من صفقة بيع مواطنه خاميس رودريغيز لموناكو الفرنسي بعد أن حصل عليه عام 2010 من بانفيلد الأرجنتيني بـ5,1 ملايين يورو فقط، فيما كان البرازيلي دانيلو آخر الغيث قبل أيام معدودة عندما باعه لريـال مدريد بمبلغ 31,5 مليون يورو.
هكذا إذاً، تحوّلت انتقالات اللاعبين إلى «صناعة» في عالم الكرة تضخّ الأرباح الهائلة. هي تماماً «دجاجة تبيض ذهباً» على خزائن الأندية.