تفرض الطبيعة الإنسانية الشغوفة بالمنافسة والتفوّق البحث الدائم عن الأفضل أو الأكثر قبولاً في مجتمعنا. لذا نجد أنه عندما يتعلق الأمر بالمنتجات التجارية نسمع دائماً عن المنتج «الذي انتُخب منتج العام»، أو فرشاة الأسنان الرقم واحد أو الشامبو الرقم واحد...
الأمر عينه ينسحب على الهوايات والرياضات التي يمارسها الإنسان، إذ من غير المعتاد مثلاً أن ترى أحداً في لبنان يذهب إلى ممارسة لعبة الكريكت أو كرة القدم الأميركية، وذلك على الرغم من الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها هاتان الرياضتان في أنحاء مختلفة من العالم، إذ تشغل الأولى بلداناً ذات كثافة سكانية رهيبة أمثال الهند وباكستان، بينما تعدّ الثانية الأكثر حضوراً ومتابعةً في الولايات المتحدة حيث الرياضات الشعبية الكثيرة والمنافسة القوية بينها، أمثال البايسبول وكرة السلة والهوكي على الجليد.
إذاً البحث الدائم عن الأفضل يدفع في كثير من الأحيان إلى تصنيف الرياضات بحسب شعبيتها، فيتردد غالباً السؤال نفسه: ما هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم؟
لكن هذا السؤال يخفي سؤالاً آخر قد يراه البعض غريباً، لكن الإجابة عنه ليست بالأمر السهل ومفاده: ما هي الرياضات الأقل شعبية في العالم؟
على الرغم من عدم وجود تصنيف رسمي يصف رياضة ما بأنها «الرياضة الأقل شعبية»، إلا أنّ الرياضات التي تتنافس لنيل هذا «الشرف» كثيرة. إحدى هذه الرياضات تدعى «بوزكاشي»، وهي كلمة فارسية تعني «تقاذف الماعز». ومعنى الشعبية البسيطة للرياضة هنا يأتي في مدى انتشارها حول العالم. و»بوزكاشي» هنا التي تثير اهتماماً في أفغانستان وبعض دول وسط آسيا، ليس لها امتداد عالمي. وتقضي هذه اللعبة التي تقام في الهواء الطلق بين فريقين يتألف كلٌّ منهما من خمسة فرسان، حيث يتقاذفون جيفة معزاة أو خروف مقطوعة الرأس. والهدف من هذه اللعبة هو تسجيل أهداف شبيهة بتلك المتعرف عليها في كرة القدم، حيث يفترض على الفارس إيصال المعزاة إلى هدف الفريق الخصم الذي هو عبارة عن منطقة ملوّنة بالأسود، في وقتٍ يحاول فيه عناصر الفريق المقابل اعتراض طريقه. ولهذه الغاية، يحق لللاعبين استخدام السياط لضرب أو إيقاف حامل المعزاة، ما يستوجب على المتنافسين ارتداء ملابس سميكة للحماية.
رياضة أخرى لم يسمع بها إلا قليل من الناس، وتدعى «دحرجة الجبنة»، وهي تُمارس في إنكلترا، وتحديداً في منطقة غلوسسترشاير، حيث يُرمى بدولاب الجبنة الذي يبلغ وزنه خمسة كيلوغرامات من على تلة صغيرة، ويقوم بعدها عشرات المتسابقين بالركض والتدحرج وراءه، ليكون الممسك بالجبنة عند آخر التلة هو الفائز، فيحتفظ بالدولاب. إلا أن محبي هذه الرياضة، على قلّتهم، تلقوا خبراً سيئاً عام 2009 بمنع السلطات البريطانية لهم من تنظيم هذه المسابقة، ما اقتضى من منظمي هذا التجمع الذي لا يخرج عن تلك المنطقة، والذي يقام منذ أوائل القرن التاسع عشر، تنظيمه بطرق غير شرعية ابتداءً من عام 2010.
وبعكس الرياضتين المذكورتين، فان الهوكي تحت الماء بدأت في التوسع والانتشار، لكنها لا تعتبر صديقة للجماهير، إذ إن منافساتها تقام تحت الماء، ما يصعب مشاهدتها، أو نقل مبارياتها مباشرةً عبر شاشات التلفزة، رغم الصور الفوتوغرافية الجميلة لها.
أما أشد المنافسين على لقب الرياضة الأقل شعبية، فهي رياضة أولمبية اسمها «الدريساج». هذه الرياضة يرى كثيرون أنها خاصة بالأثرياء، وهي التي يمارسها فرسان يمتطون الخيول من دون أن يكون هدفهم التسابق مع أيٍّ كان كما هي الحال في غالبية رياضات الفروسية.
في «الدريساج» تظهر الخيل وكأنها أقرب إلى رقص الباليه على وقع الموسيقى داخل الحلبة الرملية.
ويتحكم راكب الخيل بحصانه، جاعلاً إياه يؤدي بعض حركات «الرقص» الخاصة، لكي يحصل من اللجنة الحكم المختصة على علامة بعد انتهاء العرض.
وقد تكون كل هذه الرياضات مقبولة أمام جنون لعبة اقتُبست من رياضة رمي الرمح الشهيرة، لكنها أخطر بمراحل، وهي «التقاط الرمح»، حيث يكون المتسابق هو ملتقط الرمح وليس الرامي. هذه الرياضة، ولأسباب واضحة، غير شعبية، فهي على درجة عالية من الخطورة، وقد سبّبت عدة حوادث، منها عندما اخترق الرمح بعض أجساد من حاولوا التقاطه.