تزامناً مع الثورة الرقمية وتحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى مصدر أساسي للمعلومات ــ على اختلافها ــ في حياتنا اليومية، برزت الكثير من الـ «ترندات» التي سرعان ما لاقت انتشاراً واسعاً. الموضوع تعدّى الغرب منذ سنوات، ووصل إلى عالمنا العربي، ولا سيّما على صعيد الموضة والأزياء والجمال.
انطلاقاً من هذا المبدأ، عجّت المنصات الافتراضية بالمدوّنين/ات في هذا المجال، وتعرّفنا عبر السوشال ميديا عن كثب إلى أسماء تتولّى اختيار إطلالات المشاهير وتفسح للناس المجال لمعرفة نصائحها وآرائها عبر بوستاتها الدورية، من دون أن ننسى حسابات الـ «فاشونيستا» التي لا تُعَدّ ولا تُحصى. يأتي ذلك بعد اكتساب مهنتي الـ Image Consultant (مستشار مظهر) وFashion Stylist (منسّق ملابس) في الفترة الماضية أهمية كبرى، منذ أن تحوّلت الفيديو كليبات إلى أفلام صغيرة في العالم العربي، ثم مع اكتساح موجة الأعمال العربية الدرامية المشتركة (انطلاقاً من مسلسل «روبي» ــ 2012 ــ كتابة كلوديا مرشليان وإخراج رامي حنّا)، ومن بعدها برامج الهواة الضخمة التي تضم نجوماً في لجان تحكيمها.

أرجعت «فوغ»
بداية موضة
الـ «فاشونيستا» إلى الفترة الممتدة بين نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة
هذه العوامل وغيرها، كرّست هاتين المهنتين على الساحة، وصار أهلهما يستثمرون السوشال ميديا للتواصل مع الناس من جهة، وللترويج لأنفسهم من جهة ثانية. لكن لا شكّ في أنّ متابعة الحسابات والصفحات المتمحورة حول الجمال والموضة عبر المنصات الافتراضية تولّد انطباعاً بأنّه في مقابل الاهتمام المتنامي بهذا الميدان، هناك نوع من الفوضى والالتباس الحقيقي لناحية التعريف والمفهوم. في سبيل المساهمة في إيضاح الصورة أكثر، من المفيد الإضاءة على بعض النقاط. كثيرات صرن يُطلقن على أنفسهن اسم «فاشونيستا» بسبب ولعهن بصيحات الموضة، حتى إنّهن يحرصن على مشاركة إطلالاتهن وآرائهن مع متابعيهم على السوشال ميديا. لكنّ ليست كل مَن تُطلق على نفسها (أو يُطلق على نفسه، وإن كان هذا الاسم ليس شائعاً كثيراً بين الرجال) هذه التسمية تُعَدّ Fashionista حقاً. فلهذا المصطلح تعريف دقيق قد يختلط على البعض. حسب معجم «أكسفورد»، يعود أصل التعبير إلى كلمة Fashion التي تعني موضة بالإنكليزية، إلى جانب ista التي تضاف إلى الكلمات بالإسبانية لتُصبح وصفاً، أي تشكّل شرطاً لتعلّق الحُكْم بموصوفه. في الماضي، كانت «فاشونيستا» ترمز إلى الأشخاص المهووسين باتباع الموضة بطريقة «عمياء»، غير أنّها وفقاً لـ Urban Dictionary أصبحت تستخدم للإشارة إلى مَنْ لا تنحصر لوكاتهم/ ن بما هو جديد، بل ينسقون أزياءهم انطلاقاً منها، لكن وفقاً لذوقهم الخاص، بهدف الحصول على إطلالة مميّزة تشبههم وغالباً ما تؤثّر في خيارات الآخرين، أي أنّ الموضوع أقرب إلى أسلوب حياة منه إلى وظيفة أو مهنة. وقد أرجعت مجلة «فوغ» بداية موضة الـ «فاشونيستا» إلى الفترة الممتدة بين نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديد، معتبرة أنّ انطلاقتها الرسمية كانت مع الإيطالية كيارا فيراغني (30 عاماً) في عام 2007، قبل أن تتحوّل اليوم إلى اسم بارز في عالم تصميم الأزياء والتدوين.

الانطلاقة الرسمية
لهذه التسمية بدأت مع الإيطالية كيارا فيراغني التي صارت اسماً بارزاً في عالم تصميم الأزياء والتدوين
لكن إذا أردنا الحديث عن التخصّص أكثر، يحين وقت الـ Image Consultant و الـ Fashion Stylist. يرى بعضهم أنّ الاثنتين تؤديان العمل نفسه، لكن في الحقيقة لكلّ منهما خصائص محدّدة. فالـ Fashion Stylist هو الشخص الذي ينتقي الملابس لناحية قصّاتها وألوانها، إضافة إلى الأكسسوارات المناسبة لكل إطلالة وفقاً لخطوط الموضة السائدة وبما يتواءم مع المناسبة أو الحدث الذي ستُرتدى خلاله هذه الأزياء. وهؤلاء هم حجر أساس في جلسات التصوير الخاصة بالدعايات (المتلفزة أو المطبوعة أو الإلكترونية) أو المجلات أو الفيديو كليبات أو المقابلات أو الحفلات أو المسلسلات أو الأفلام، فضلاً عن الفعاليات المختلفة التي يشارك فيها المشاهير وعارضو/ات الأزياء والشخصيات العامة.
أما الـImage Consultant، فعلى الرغم من أنّها تشمل عمل الـFashion Stylist، تركّز هذه المهنة على تحليل شخصية الفرد وعاداته وأهوائه، إضافة إلى لون البشرة ومقاييس الجسد، وتدرس أسلوبه الحالي في اختيار اللوكات والتبضّع قبل اقتراح الإطلالة الملائمة. هنا، يذهب العمل أبعد من مجرّد اختيار الملابس الصحيحة، إذ يمزج بين الموضة وعلم النفس، وكثيراً ما نرى أشخاصاً يجمعون بين المهنتين، لكن عليهم بالطبع امتلاك أصول المهنة والخبرة اللازمة. الأسماء الشهيرة والمحترفة محلياً وعربياً اليوم ليست كثيرة، لكنّها آخذة في التزايد طبعاً. بعضها، بدأ مشواره من التلفزيون، وبعضها الآخر وجد في مواقع التواصل الاجتماعي فرصة كبيرة للشهرة وإثبات الذات. ولعلّنا نستطيع في هذه الجولة البسيطة التعريج على بعض الشخصيات الذائعة الصيت.

هاديا سنّو

لا يمكن أن نقول «موضة» في لبنان من دون أن نذكر هاديا سنّو. المرأة صاحبة اللوكات «المجنونة» التي تمزج في كلامها عربيّتها المكسّرة بالكثير من الإنكليزية، والمفعمة بالحيوية والنشاط وخفّة الظل، عرّفت الجمهور اللبناني من خلال إطلالتها ضمن برنامج «عالم الصباح» (على قناة «المستقبل») بمبدأ الـMix and Match (المزج والتنسيق) لدى اختيار الملابس، وأطلعته في كلّ موسم على القطع الـMust-Have (التي يجب اقتناؤها)، فضلاً عن الجولة على أبرز عروض الأزياء للمصممين اللبنانيين والعالميين حول العالم (خصوصاً أسابيع الموضة)، وبالتأكيد مع عرض قطع ملابس أو أكسسوارات في الاستوديو من متاجر معيّنة في بيروت أو لمصممين شباب. بداية هادية التلفزيونية كانت عبرmtv، قبل أن تنتقل إلى «المستقبل» في 1996، حيث قدّمت أوّلاً Signée Future لسنوات عدّة لتنضم بعدها إلى أسرة البرنامج الصباحي الشهير «عالم الصباح». ومع تسارع التطوّر التكنولوجي، لم تغب هاديا عن الأضواء، بل راحت توسّع أنشطتها عبر الشبكة العنكبوتية، وتحديداً عندما أطلقت موقع Hadia›s World (عالم هاديا) مع حساباته على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وقناته على يوتيوب. عبر التدوينات المكتوبة والمصوّرة، يشكّل هذا الموقع «مرجعاً» لكل محبّي الموضة للتعرّف إلى أحدث الـ «ترندات» في هذا العالم الواسع، ومن كل بلدان
العالم. درست سنّو الدعاية، التسويق وتصميم الأزياء. وإلى جانب كونها مهتمة بالموضة، قدّمت عروضاً ترفيهية عدّة، وعملت أيضاً في مجال العلاقات العامة والتسويق.

جويل مردينيان

التلفزيون شكّل أيضاً نقطة انطلاق جويل مردينيان (39 عاماً) في عالم الشهرة. خبيرة التجميل اللبنانية، بدأت حياتها العملية كعارضة أزياء وهي في سن الـ18، ومن ثم اختيرَت لتكون Miss Italian Communities Worldwide في بريطانيا. لم يكن هذا اللقب كافياً لإرضاء طموحاتها، فالتحقت بمعهد «غريت بينت» في لندن لدراسة التجميل، قبل أن تجد سبيلها لاحقاً إلى عدد من صالونات التجميل البارزة هناك. الماكياج وحده أيضاً لم يكن كافياً، فوسّعت جويل معرفتها بأصول الموضة من خلال زيارتها أشهر دور الأزياء ومصمميها في أوروبا. نجاحها المهني لفت أنظار شبكة mbc السعودية، فمنحتها فرصة تقديم برنامج متخصص في الرياضة، من دون أن يمضي وقت طويل قبل أنّ تتولّى برنامجاً محصوراً بالموضة والجمال تحت عنوان «بصراحة أحلى»، يهدف بالأساس إلى تغيير لوكات نساء عاديات يتقدّمن للمشاركة، من طريق إجراء تعديلات على مظهرهن (تخفيف الوزن، العناية بالأسنان والبشرة، وصولاً إلى بعض العمليات التجميلية أحياناً)، عبر إرشادهن ومنحهن نصائح متخصصة تتناسب مع شكلهن وتفضيلاتهن وأسلوب حياتهن. اسم البرنامج تغيّر في ما بعد إلى «مع جويل أحلى»، وقد افتتحت مردينيان في دبي مركزاً تجميلياً كاملاً باسم Clinica Joelle، وهي تحرص على مشاركة متابعيها على السوشال ميديا تفاصيل إطلالاتها وأنشطتها وأرائها المختلفة.

مايا حدّاد

اقترن اسم مايا حدّاد بعدد كبير من نجوم التمثيل والغناء، بدءاً من مايا دياب مروراً بسيرين عبد النور ونادين نجيم (أهمّها لوكها الغجري في مسلسل «سمرا»، وإطلالاتها في)، وليس انتهاءً بنجوى كرم ولطيفة التونسية وهيفا وهبي.
البداية كانت مع الكليبات التي اشتغلت فيها مع لائحة طويلة من المغنين ضمّت مثلاً جورج وسوف (كليب أغنية «بيحسدوني» إخراج ميرنا خيّاط)، لتشغل في وقت لاحق مقعداً لم يكن موجوداً في الإنتاجات العربية الدرامية، وهو Production Designer (بدءاً من مسلسل «روبي»).
نجاح مايا في اختيار لوكات الشخصيات الأساسية في أفلام ومسلسلات عربية مميّزة خلال السنوات الماضية، يعود إلى جانب ذوقها الرفيع واطلاعها الواسع على كل جديد، إلى دراستها تصميم الأزياء في باريس، لتلتحق بعد ذلك بدورة أكاديمية تختص برسم الكراكتيرات في الدراما.
أما بالنسبة إلى لمساتها في البرامج التلفزيونية، فلا يمكن التغاضي عن الإطلالات اللافتة لأعضاء لجنة تحكيم برنامج «أراب كاستينغ» (قناة «أبو ظبي» ــ قصي خولي وباسل خياط وغادة عبد الرازق وكارمن لبّس)، ولوكات أصالة في برنامج البحث عن المواهب «فنان العرب» (قناة «دبي»). يذكر أنّ حدّاد تتواصل بكثافة مع محبيها على السوشال ميديا وتُطلعهم على كل جديد، بما فيه المستحضرات والبضائع الجديدة التي تشتريها أو تحصل عليها لتجريبها
وإبداء رأيها فيها. وكانت لها مشاركة قبل أشهر كـ Fashion Police (شرطة موضة) في برنامج «الحلقة الأخيرة» على mtv.

رولا كعدي

برز اسم رولا كعدي عبر شاشة mtv من خلال فقرة Fashionista التي تقدّمها ضمن البرنامج الصباحي mtv alive. تذكّرنا هذه الفقرة من حيث المضمون بتلك التي اشتهرت فيها هاديا سنّو على «المستقبل»، إذ تحرض كعدي على تعريف المشاهدين بكل جديد في عالم الموضة والأزياء، وتزوّدهم بالنصائح الضرورية، وآخر «الصراعات»، فضلاً عن أحدث عروض الأزياء، من دون أن ننسى المقابلات مع مصممي الأزياء الذائعي الصيت أو الصاعدين، والـmust-haves. إضافة إلى نشاطها الكثيف على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يشمل الظهور مباشرة من فعاليات أو محلات محدّدة، تركت رولا بصمة في برنامجي «من الآخر» و«مِنّا وجرّ» (تقديم بيار ربّاط) على mtv أيضاً، فيما جيّرت حبّها وخبراتها المتزايدة في تأسيس خط خاص بها يتركّز على تصميم أكسسوارات أحذية مبتكرة باسم Roula Kehdi Creations.

سيدريك حدّاد

في الوقت الذي تقل فيه أسماء الرجال في هذا الميدان، تمكّن سيدريك حدّاد من اختراقه وعرف الناس اسمه أكثر بعدما نسّق إطلالات المشاركين في بعض مراحل برنامج «أراب آيدول» على mbc، وإطلالة مقدّمة البرامج والممثلة اللبنانية إيميه صياح في The Voice على الشبكة السعودية نفسها. علماً بأنّه يتدخّل بمظهر بعض مذيعات قناة otv اللبنانية. نجوى كرم، وسيرين عبد النور، ويارا، ووفاء الكيلاني، وهيلدا خليفة وغيرهن من النجمات والنجوم، يقعون ضمن القائمة التي اختار سيدريك إطلالاتهن. لا يبخل على متابعيه بالنصائح، سواء عبر البرامج التلفزيونية أو المجلات أوالمواقع الإلكترونية أو عبر السوشال ميديا. حتى أنّ هاشتاغ StyledByCed# تداوله أحياناً المعجبون بلوكاته الشخصية أو بالإطلالات التي يختارها للمشاهير، فضلاً عن ورشات العمل التي يديرها في مجال تنسيق الصورة والملابس.