نصري شمس الدين وفيلمون وهبي جمعتهما مسرحيات ولوحات فنية شهيرة تحت الخيمة الرحبانية في «مواسم العزّ»، منذ الستينيات... وها هما ينبعثان معاً، كل مع طربوشه الشهير، بعد أربعة عقود ونيف على رحيلهما (1983 و 1985)، على الميناء القديم في جبيل، في ضيافة «مهرجانات بيبلوس الدولية».
«نصري وفيلمون في البال» استعادة بالنغم والصوت والرقص والصورة والسرد، بمشاركة غنائية من غسان صليبا الذي رفع التحدي، وسميّة بعلبكي القديرة والمتألقة، وباسمة التي بذلت جهدا واضحا. لكن رخامة صوت نصري بقيت بعيدة. أولاد منصور أعادوا توزيع الألحان التاريخية الشهيرة، وغمسوا الاحتفال بالحنين على طريقتهم: صور سياحية ولوحات انطباعية، على الشاشة، وفولكلور ودبكة وشراويل وغندرة الصبايا. مروان اخراجاً، وغدي قائداً للأوركسترا اللبنانية، وأسامة على البيانو.
لقد استقطب العرض جمهوراً «بلدياً» لا يأتي الى «بيبلوس» اشتعل بصوت واحد عند «سنفرلو عالسنفريان»، وشريحة عمرية ايضا لا نراها عادةً في المهرجانات. العرض الذي كان ينقصه شيء ما، طاقة داخلية ربما، استعاد مناخات الزمن الجميل وأطيافه، حين كان الثنائي الراحل يساهم تلحيناً وغناء وتمثيلاً في صياغة صفحات مشرقة من المزاج اللبناني. أغنيات محفورة في وجداننا: «من عز النوم»، «يا دارة دوري فينا»، «يا أمي دولبني الهوا»، «انا خوفي من عتم الليل»، «يا مرسال المراسيل»، «يا كرم العلالي»، «عالبساطة البساطة»، «عالعصفورية»... مشاهد، وقفشات ولقطات أرشيفية... جمع بينها في خط سردي، الحكواتي رفيق علي أحمد (بكثير من الاطناب، نصا واداء، وبعض النكات الذكورية المؤسفة، ولطشات سياسية سطحية).
هناك اعتقاد سائد أن نصري وفيلمون، لأسباب كثيرة ومعقّدة، ظلمتهما المؤسسة الرحبانية، ولم يأخذا حقهما من الرواج والتكريس. ويشاء القدر ان يكون ورثة منصور، احد اقانيم «الرحابنة»، هم من يعيد الى الفنانَيْن الإستثنائيَّيْن، شيئاً من الاعتبار، والاعتراف المتأخر.