قبل أسابيع، ظهرت الإعلامية السورية زينة يازجي في برنامج «شطّ بحر الهوى» مع زوجها النجم عابد فهد. حينها، أراد الثنائي ألا تكون إطلالتهما عابرة، فوجّها رسالة تضامنية مع اللاجئين السوريين الذين غرقوا في البحر عندما كانوا يحاولون البحث عن مكان أقل خطورة من بلادهم التي تنهشها الحرب.
لكن سرعان ما استنهضت الإطلالة همّة المنابر الخليجية. قرر أحدها شّن هجوم ادعائي، بذريعة أنّ الإعلامية تستجدي الأضواء، وتستغل معاناة اللاجئين من أبناء بلدها، فأتى الرد من خلال مقال مطوّل كتبه زوجها واختار نشره على صفحات «الأخبار» (الأخبار 8/4/2017). لكن القصة لم تقف هنا، بل تفاعلت إلى درجة خطيرة، استفاق فيها «شرش» القمع والإقصاء الذي يحكم المنظومة الإعلامية الخليجية على وقع الحدث العابر. قررت «سكاي نيوز عربية» أن تتخلّى عن مذيعتها وبرنامجها المعروف «بصراحة». أبلغتها بخطاب رسمي ودي استغناءها عن خدماتها وتشكّرت جهودها، وأثنت على حضورها خلال عملها على شاشتها، وأعلمتها بإنهاء العقد معها، من دون أن تنسى إلحاقها بأمنيات التوفيق الدائم لها. طبعاً جاء ذلك من دون إيضاح الأسباب الكامنة وراء السلوك المفاجئ. المعلومات المؤكدة التي حصلنا عليها من داخل المحطة تفيد بأن المدير العام للمحطة نارت بوران أوقف برنامج «بصراحة» بعد عام ونصف العام من إبصاره النور. علماً أنّه على مدى هذه الفترة، استقبلت يازجي82 شخصية عامة عربية وأجنبية فاعلة. وخلال الأشهر الأخيرة، جلست الإعلامية السورية في المنزل، قبل أن تحاول قبل شهرين إلى النشرات اليومية. وافقت على ذلك بدون تردد لحين صياغتها فكرة برنامج جديد. لكنّ ظهورها في «شطّ بحر الهوى» وردود الفعل التي لاحقته، دفعا المدير العام إلى التخلّص منها. يفيد موظفو المحطة في أحاديثهم مع «الأخبار» بأن مديرهم العام «ينتهج أسلوباً غير حضاري في التعاطي معهم لدرجة الصراخ اليومي غير المبرر».

أبلغت المحطة زينة يازجي باستغنائها عن خدماتها
الملفت أنّ قرار الإقالة لم يطل يازجي وحدها، بل تزامن مع طرد مدير قسم الاقتصاد مارون بدران، إثر تقرير إخباري بثّته المحطة عن الوضع الاقتصادي المتردّي في السعودية. أشار التقرير إلى أن المملكة قد تضطر لتعويم الريال السعودي، مما سيؤدّي إلى انهيار سعر صرفه في الأسواق. أثار الخبر المتداول بكثرة، استياء مسؤولين سعوديين منهم ولي ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود الذي اعتبر أن «سكاي نيوز» تتعمّد الإساءة للمملكة واقتصادها (الأخبار22/4/2017). وباعتبار أن القناة تتبع مباشرة للحكومة الإماراتية، فلم يكن منها سوى الاستغناء عن بدران، رغم الفاجعة الشخصية التي تعرّض لها قبل أسابيع بسبب وفاة ابنته بعد معاناتها من مرض عضال. وفي العودة إلى إنهاء التعاقد مع المذيعة السورية، فقد أكّدت في اتصال مع «الأخبار» على صحة المعلومة، مكتفية بالقول: «هذه رؤية المحطة، وقرار إدارتها، ولن أدلي بأي تصريح إعلامي حالياً، على اعتبار أن المسؤول عن التعليق هو صادق جرار مدير العلاقات العامة في القناة». هكذا، تركت يازجي باب التوضيح مفتوحاً لزميلها الذي لاحقناه باتصالات عديدة، حتى أجاب. وعلى الفور، اعتذر عن عدم قدرته على الحديث بحجة أن الوقت متأخر، وبسبب تواجده في القاهرة في مهمة عمل، طالباً تأجيل الحديث لحين عودته اليوم إلى العاصمة الإماراتية. لكنه اكتفى بالتعليق بـ «أن المحطة لم تستغن عن أحد. كل ما حصل هو انتهاء فترة التعاقد مع الإعلامية السورية زينة يازجي، وقد تم توجيه كتاب شكر رسمي لما بذلته من جهود على الشاشة الإخبارية من دون إبداء رغبة لتجديد العقد معها». لكن المعلومات المؤكدة التي حصلت عليها «الأخبار» من مصدر داخل المحطة، قرر عدم الكشف عن نفسه لحساسية الظرف، تعاكس هذه الشهادة. إذ يفيد المصدر بأن «القناة تعمل وفق منطق يعيد حساباته، كما تمليه المصالح السياسية، بالصيغة ذاتها التي تنتهجها غالبية الوسائل الإعلامية الخليجية، وأنها تتخبّط بقرارات عشوائية. أمر يؤكده تغييب القيادات التحريرية بشكل دائم والتغيرات الاعتباطية التي تطرأ فجأة، وهو ما أطاح بزينة يازجي ومارون بدران». ويضيف: «لن تقف عملية التطهير عند هذا الحد، بل إن أسماء أخرى أصبحت خارج أسوار «سكاي نيوز» وأخرى مهددة. فبسبب التضييق الشديد، تقدمت المذيعتان السوريتان ريتا معلوف وألمى عنتابلي باستقالتيهما، كما أقيل منذ فترة رئيس تحرير الأخبار مصطفى سعيد، واستقدم مذيع «العربية» هاني أبو عيّاش بدلاً منه». ويتساءل المصدر: «إن كان السوري هو المستهدف فعلاً باعتبار أن زينة وألمى وريتا من الجنسية ذاتها، لا أعرف كيف لمحطة ناشئة لم تكمل سوى خمسة أعوام تعاقب عليها ثلاثة رؤساء تحرير هم ياسر ثابت، ومصطفى سعيد وهاني أبو عيّاش حتى الآن؟ هل صارت المحطة بيئة طاردة؟».
من جهة أخرى، يستطرد محدّثنا بالقول: «السلوك الإداري الذي يتم التعاطي فيه مع العاملين في المحطة ينقصه الوعي والمهنية والمسؤولية». ويلفت إلى أنّ زملاءه مضطرون للصمت في الوقت الحالي، وإن معطيات كثيرة عن كواليس ما حدث ستظهر إلى العلن لاحقاً.