«مهرجان القاهرة»... هل فقدت «هوليوود الشرق» بريقها؟

اختُتمت أخيراً الدورة الخامسة والأربعون من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، لترسّخ قناعةً واضحة بأنّ الحدث يواجه أزمات متراكمة تهدد مكانته التاريخية كأحد أعرق المهرجانات في الشرق الأوسط. فبدلاً من تعزيز دوره كرمز ثقافي وفني عالمي، يبدو أنّه يخطو خطوات متعثرة أمام منافسة محلية شرسة، مثل «مهرجان الجونة السينمائي» الذي أنهى دورته السابعة مؤخراً، ومنافسة عربية قوية يقودها «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، الذي يستعد لإطلاق دورته الرابعة في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بتمويل سعودي غير محدود.
ورغم تصنيفه ضمن الفئة A من قبل «الاتحاد الدولي للمنتجين»، يعاني «مهرجان القاهرة» من أزمات مستمرة وغياب رؤية استراتيجية واضحة تضمن استمراره ضمن كبار المهرجانات على الساحة العالمية. شهدت الدورة الأخيرة إخفاقات أعادت إلى الأذهان أزمات سابقة، وطرحت تساؤلات حول مستقبل هذا الحدث.
لم يكن اختيار النجم حسين فهمي لرئاسة المهرجان مجدداً كفيلاً بتغيير المسار. فبالرغم من جاذبيته كأحد رموز السينما المصرية، أخفق الممثل البالغ 84 عاماً في تشكيل فريق قادر على مواكبة تطورات صناعة المهرجانات العالمية.
في دورته الأولى، اختار فهمي المخرج أمير رمسيس مديراً للمهرجان، لكن الخلافات أفضت إلى استبعاده بعد عام واحد. وفي الدورة الأخيرة، أسند المهمة إلى الناقد عصام زكريا، لكن العلاقة بينهما شابها التوتر، لدرجة أنّهما لم يلتقيا طوال أيام الحدث. هذه التخبطات الإدارية انعكست على جوانب تنظيمية عدّة، بدءاً من تأخر الإعلان عن جدول العروض حتى صباح يوم الافتتاح، مروراً بتضارب مواعيد الأفلام، وانتهاءً باختيارات أثارت انتقادات واسعة، مثل فيلم «أنا مش أنا» (تأليف وإخراج هشام الجباري) المغربي، الذي وُصف بأنّه «ضعيف فنيّاً».
وفي ظل تراجع التمويل، اضطر المهرجان إلى قبول رعايات لا تليق بمكانته، مثل الاستعانة بشركة أجهزة منزلية كراعٍ رئيسي، وعرض إعلاناتها الرمضانية قبل العروض السينمائية، ما عزز الشعور بأنّه يفتقر إلى رؤية تليق بإرثه.
وفي سياق آخر، بدأ الاحتفال بإظهار تضامن مع القضية الفلسطينية عبر حضور «الكوفية الفلسطينية»، لكنه سرعان ما أثار انتقادات بعد تكثيف التعاون مع السفارة الأميركية، ما أظهر تناقضاً واضحاً مع موقفه المُعلن.
الدورة الخامسة والأربعون، التي وصفها كثيرون بأنّها «للنسيان»، رسمت علامات استفهام حول مستقبل المهرجان الضخم. فهل يستمر حسين فهمي بتغيير فريقه وتحميله المسؤولية كما حدث في الدورات السابقة؟ أم تتدخل الدولة المصرية لإنقاذه عبر تعيين قيادة جديدة قادرة على إعادة المهرجان إلى مساره الصحيح؟