الجيش يطنش «الحكومة الموازية»: تعزيز للمكاسب الميدانية

بدا أن الرد العملي على المجموعة التي تسعى لتكوين حكومة موازية، جاء بتكثيف العمليات العسكرية (أ ف ب)
بدا أن الرد العملي على المجموعة التي تسعى لتكوين حكومة موازية، جاء بتكثيف العمليات العسكرية (أ ف ب)

الخرطوم | يخوض الجيش السوداني معارك حاسمة في عدة محاور في جميع أنحاء البلاد، تمكّن خلالها من تحقيق مكاسب متتالية في نقاط استراتيجية، وخصوصاً في ولاية الخرطوم التي تقترب من إعلانها خالية من قوات «الدعم السريع». وهو بهذا يبدو غير مكترث بالعمل على إنشاء حكومة موازية في المناطق التي تخضع لسيطرة «الدعم»، وذلك بقيادة من الأخيرة و«الحركة الشعبية – شمال» بزعامة عبد العزيز الحلو وفصائل من «الجبهة الثورية»، إلى جانب قوى سياسية أخرى. وعلاوة على ما تقدّم، أرسلت قيادة الجيش تعزيزات عسكرية كبيرة إلى شمال دارفور، انطلاقاً من مدينة الدبة شمال السودان، بهدف فك الحصار عن مدينة الفاشر.

وهكذا، بدا أن الرد العملي على المجموعة التي تسعى لتكوين حكومة موازية، جاء بتكثيف العمليات العسكرية في المناطق التي تقع تحت سيطرة المجموعات المسلحة، وعلى رأسها «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية – شمال»، بهدف إفقادها لقواعدها الجماهيرية وحواضنها على الأرض. وبالفعل، تمكّن الجيش، خلال الأيام الثلاثة الماضية، من تحقيق تقدّم كبير في ولاية الخرطوم بعد سيطرته على جسر المنشية الرابط بين مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، ليفرض، بذلك، سيطرته على كل الجسور في العاصمة، ما عدا جسر جبل أولياء جنوب الخرطوم.

وفيما تتكوّن ولاية الخرطوم من ثلاث مدن، بات الجيش يسيطر بصورة كاملة على مدينة الخرطوم بحري، وعلى معظم مدينة أم درمان، ما عدا بعض المناطق الغربية والجنوبية الغربية، في وقت يسيطر فيه على أكثر من 60% من مدينة الخرطوم، عدا الأحياء الشرقية والجنوبية فيها. كما استطاعت قوات تابعة لـ«الفرقة 17 مشاة» استعادة منطقتي الدالي والمزموم في ولاية سنار جنوب البلاد، بالإضافة إلى مناطق التبون والشراك وغربال وكمشاش وخور في ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق. وبحسب بيان المتحدّث باسم الجيش، العميد نبيل عبدالله، فقد «تمكّن الجيش في النيل الأزرق وسنار والنيل الأبيض، وفي نشاط متزامن، من تدمير شراذم الجنجويد في مناطق الدالي والمزموم وجفرات والمليسا وقلي وأبوعريف والقربين ورورو والتبون واستعادتها عنوة واقتداراً»، بحسب وصف البيان.

وباستعادة السيطرة على تلك المناطق الحدودية، يكون الجيش قد أمّن الحدود الجنوبية لولايات سنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق، المتاخمة لجنوب السودان، فيما بدا أن هذه الخطوة جاءت نتيجة الاضطرابات الأمنية التي شهدتها الولايات الجنوبية في جنوب السودان، خلال الأيام الماضية، واستيلاء المعارضة هناك على عدد من المدن المهمة.

وعلى الرغم من الخسائر المتتالية التي مُنيت بها «الدعم السرع»، وفقدانها الكثير من قواتها وعتادها، تمضي الكيانات السياسية والعسكرية، المتواجدة في العاصمة الكينية نيروبي، قُدماً في خطتها نحو حكومة موازية، ما أثار الكثير من التساؤلات عن إمكانية نجاح تلك الأطراف في تشكيل حكومة على الأرض، في ظلّ تراجعها عسكرياً، بالإضافة إلى الرفض الدولي الواسع لهكذا خطوة، إذ بعد توقيعها على ما سمي بـ«الميثاق التأسيسي»، نهاية الشهر الماضي، توافقت، أخيراً، على «دستور انتقالي» يلغي «الوثيقة الدستورية» لعام 2019، والتي تكوّنت بعد الإطاحة بحكومة الرئيس المخلوع عمر البشير.

ونصّ «الدستور» الجديد على أن يكون السودان «دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية»، وعلى تأسيس جيش مهني، وقوامه «الدعم السريع» و«الجيش الشعبي» وبقية الحركات المسلحة التي وقّعت على «الدستور».

وفي أول ردّ فعل على إجراءات الحكومة الموازية، أعربت الولايات المتحدة، من خلال مكتب الشؤون الأفريقية في وزارة خارجيتها، عن قلقها إزاء التوقيع على «دستور انتقالي» للسودان، لافتةً إلى أن محاولات إنشاء حكومة موازية لا تساعد في «تحقيق الأمن والسلام». ومن جهتها، رفضت عدة دول عربية، وعلى رأسها السعودية وقطر والكويت وتركيا، تكوين حكومة موازية غير شرعية خارج المؤسسات الرسمية للدولة، والذي من شأنه المساس بوحدة البلاد. كما رفضت دول أفريقية (الأعضاء في مجلس الأمن)، من مثل الجزائر وسيراليون والصومال، الخطوة، بالإضافة إلى الصين وروسيا وغانا.

بدورها، اعتبرت مصر أن تشكيل أي أطر موازية قد يؤدي إلى «تفكيك الدولة السودانية»، لافتة إلى أن هذا الأمر «مرفوض تماماً». وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي: «ندعم الشرعية، ندعم مؤسسات الدولة السودانية وندعم الدولة ولا ندعم أشخاصاً بعينهم». وفي السياق نفسه، نقل نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، رفْض الرئيس الأوغندي، يوري موسفيني، لإنشاء حكومة موازية، وعدم اعتراف بلاده بها.

في المقابل، أشادت الخارجية السودانية بمواقف تلك الدول الرافضة لتهديد سيادة السودان ووحدته. وقالت، في بيان، إن هذه المواقف الواضحة تؤكد «مسلك الرئاسة الكينية غير المسؤول باحتضان ميليشيا الدعم السريع المعزولة خارجياً وداخلياً»، لافتة إلى وضع دولة كينيا في خانة «الدول المارقة» على الأعراف الدولية.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي