يتصاعد مسلسل الاضطرابات الأمنية في مدينة عدن جنوبي اليمن، حاصداً المزيد من القتلى والجرحى، ومميطاً اللثام عن خلافات جادة وحقيقية باتت تنخر جسد «السلطات المحلية» المدعومة سعودياً وإماراتياً. وفي آخر فصول الاغتيالات التي تعصف بالمدينة، قتل مسلحون يعتقد بانتمائهم إلى تنظيم «القاعدة» الشيخ السلفي عبد الرحمن المرعي العدني، شيخ دار الحديث في منطقة الفيوش، أثناء توجهه لأداء صلاة الظهر. وأفادت المعلومات الواردة من عدن بأن مسلحين كانوا يستقلون سيارة أطلقوا الرصاص على العدني قرب المسجد ما أدى إلى إصابته بجروح نقل على إثرها إلى مستشفى الوالي حيث فارق لاحقاً الحياة.
قتل ثمانية في اشتباكات قصر المعاشيق الرئاسي على خلفية أزمة رواتب «المقاومة الجنوبية»
وبحسب مصادر محلية تحدثت إلى «الأخبار»، كان العدني من معارضي انخراط «الشباب الجنوبي» في الحرب الأخيرة «لكونها فتنة»، كما كان من معارضي الحروب الست التي خيضت ضد «أنصار الله». وعلى الرغم من أنه درس على الشيخ مقبل الوادعي، مؤسّس دار الحديث في منطقة دماج في محافظة صعدة، تقول المصادر، إلا أنه سرعان ما افترق عن الشيخ محمد الإمام والشيخ يحيى الحجوري والشيخ أبو حسن المصري (الذي درس أغلب القاعديين والدواعش وفي مقدمهم جلال بلعيدي على يديه) مغادراً إلى عدن حيث استقر.
ويأتي اغتيال العدني بعد ساعات على مقتل العقيد أدهم الجعري، رئيس «شعبة الاستخبارات العسكرية اليمنية» (التابعة للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي) برصاص مسلحين مجهولين في حي عبود بالقرب من مطار عدن. سبق ذلك العثور على جثث ثلاثة عسكريين اغتيلوا من قبل مجهولين داخل معسكر الدفاع الجوي في المدينة. وبالعمليات الثلاث تلك، يرتفع عدد الاغتيالات ومحاولات الاغتيال في عدن خلال شباط/ فبراير فقط إلى 11 على الأقل، سجّلت إحداها في 22 الشهر الجاري في مديرية خور مكسر، حيث اغتال مسلحون مجهولون العميد الركن عبد ربه حسين الإسرائيلي قائد «اللواء 115 ميكا» (الموالي لهادي).
على خط مواز، قتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وأصيب سبعة آخرون بجروح في اشتباكات بين مسلحين وحرس القصر الرئاسي في منطقة المعاشيق. وأفادت مصادر خاصة «الأخبار» بأن الاشتباكات اندلعت على خلفية النزاع بشأن رواتب «المقاومة الجنوبية». وأوضحت المصادر أن مدير مكتب هادي، محمد المارم، وابن الرئيس الفار، جلال هادي، رفضا تسليم كل من عناصر الحرس أكثر من 1500 ريال سعودي بعدما كانوا وعدوا بـ3000 ريال لواحدهم. وبعدما احتج الحراس على «اقتطاع رواتبهم»، تضيف المصادر، قرر المارم استبدال آخرين بقيادة المدعو «سند الرهوة» بهم. إلا أن الأخيرين الذين يتزعمهم المدعو عادل الحداد رفضوا الانصياع للأوامر بإخلاء مواقعهم، ما أدى إلى وقوع مواجهات بين الطرفين. وأشارت المصادر إلى أن عناصر إماراتية تدخلت لفضّ الاشتباك، غير أنها تعرضت هي الأخرى لخسائر، عرف منها إصابة أمين الخزينة المسؤول عن توزيع الرواتب بجروح.
ورجّحت مصادر «الأخبار» وجود خلافات داخل «القصر» بين الأجنحة الموالية للسعودية وتلك المقرّبة من الإمارات، كاشفةً أن نائب المارم، عبدالله العليمي باوزير، المحسوب على «التجمع اليمني للإصلاح» (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) يلعب دوراً رئيساً في معاكسة إجراءات رئيسه بهدف تصفية حسابات سياسية. ويمثل الخلاف على الرواتب حلقة من سلسلة خلافات طويلة، تبدأ من دمج «عناصر المقاومة» في «الجيش الوطني» ولا تنتهي بالملف الخدمي.
إلى ذلك، أقدم مسلحون يعتقد بانتمائهم لـ«القاعدة»، خلال الساعات الماضية، على تفخيخ مبنى الأمن المركزي في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج بست عبوات ناسفة، ثم تفجيره، ما أدى إلى تدميره كلياً. ويسيطر التنظيم على الحوطة منذ 25 كانون الثاني الماضي. وقد أقدم مسلحوه قبل أربعة أيام على نسف مبنى الأمن السياسي في المدينة بعدما زرعوه ألغاماً. وكان مسلّحو «القاعدة» فجّروا مبنى إدارة الأمن العام في المحافظة نفسها في 28 الشهر الماضي.