صنعاء | توازياً مع فشل «المجلس الرئاسي» اليمني في الحصول على أيّ مساعدات مالية عاجلة أو قروض لسدّ العجز الذي تعانيه حكومته في عدن، سجّل سعر صرف الدولار في المحافظات الجنوبية، أمس، انهياراً جديداً ليتخطّى سقف الـ1400 ريال للدولار الواحد، متأثّراً بانهيار الاحتياطي النقدي للبنك المركزي في عدن إلى أدنى من 200 مليون دولار، ومتسبّباً أيضاً بارتفاع موازٍ في أسعار المواد الغذائية الأساسية والخدمات في تلك المحافظات. وأثار هذا التدهور مخاوف المستثمرين المحلّيين، وعمّق حالة الركود التي يعيشها السوق، وسط توقّعات بتداعيات أكبر وأقسى خلال الفترة القادمة، في حال عدم وجود أيّ تدخّل سعودي أو إماراتي عاجل لإنقاذ حكومة معين عبد الملك.وكانت هذه الحكومة، ممثّلةً بقيادة بنك عدن المركزي، أجرت لقاءات مكثّفة مع ممثّلين عن «صندوق النقد الدولي» لأيام عدّة في العاصمة الأردنية عمّان، وكذلك مع مندوبين عن وزارة الخزانة الأميركية في دبي، من دون أن تسفر تلك اللقاءات عن أيّ نتائج طيّبة لصالحها. ونتيجة لفشلها في وقف انهيار سعر العملة اليمنية، ارتفع طلب المواطنين على العملات الصعبة خلال الأيام القليلة الماضية، بدافع المخاوف من انهيار السعر إلى مستويات قياسية جديدة، وفق ما أفادت به مصادر مصرفية في عدن «الأخبار»، موضحةً أن ثمّة إقبالاً كبيراً على شراء الدولار والريال السعودي لتأمين المدّخرات من الانهيار. وفي محاولة لتهدئة حالة الهلع، سرّبت مصادر مقرّبة من «الرئاسي» أنباء عن تلقّي الأخير وعوداً من الجانب السعودي بتقديم دعم للموازنة سيوقف تدهور سعر صرف الريال. كما نفى البنك المركزي في عدن صحّة المعلومات التي أوردتها وكالة «رويترز» حديثاً، نقلاً عن مصادر في الحكومة المعترف بها دولياً، عن وجود انهيار كبير في احتياطات البنك الداخلية، مطمئناً، في بيان الأربعاء، إلى أن «احتياطات البنك في البنوك الأجنبية لا تزال في الحدود الآمنة».
طالب ممثّلو القطاع الخاص اليمني، أطراف الصراع، بالإعلان عن هدنة اقتصادية عاجلة وشاملة


وفي ظلّ تصاعد التحذيرات من انهيار اقتصادي في المحافظات الجنوبية، صعّدت حكومة عبد الملك مطالبتها عدداً من الدول الغربية بتقديم الدعم المالي والفنّي لها لمواجهة التحدّيات الاقتصادية، مُرجعةً الأزمة الحالية إلى توقّف صادرات النفط والغاز منذ الربع الأخير من العام الفائت، وفقدانها جزءاً هامّاً من الرسوم الجمركية والضريبية بعد الرفع الجزئي للقيود التي كانت مفروضةً على ميناء الحديدة. كذلك، استغلّ «الرئاسي» لقاءه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في الرياض، ليطالبه بدعم عاجل، فيما أنبأ تسريب السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، خبر زيارته لآلية التفتيش الأممية في جيبوتي، بأن واشنطن تدرس إعادة القيود المفروضة على «الحديدة»، بهدف تمكين حكومة عدن من استعادة بعض القنوات الإيرادية التي فقدتها.
في خضمّ ذلك، طالب ممثّلو القطاع الخاص اليمني، أطراف الصراع، بالإعلان عن هدنة اقتصادية عاجلة وشاملة. واعتبر هؤلاء، خلال اجتماع لهم مع عدد من ممثّلي المنظّمات الدولية في العاصمة الأردنية عمّان، أن «الهدنة الاقتصادية تمثّل خطوة مهمّة لبناء الثقة وتحقيق السلام المستدام في اليمن»، مطالبين بـ«وقف الإجراءات التي تفاقم من الانقسام الاقتصادي الحاصل في البلد، وإزالة القيود كافة أمام تدفّق السلع بين المحافظات، وتحييد القطاع الخاص وعدم الزجّ به في أتون الصراع»، مشدّدين أيضاً على ضرورة «توحيد السياسة النقدية، وفتح الطرق الرئيسة بين المدن اليمنية، وتسهيل وصول السلع وفتح المطارات».