صنعاء | في إطار ما تقول صنعاء إنها تصفية حسابات بين الرياض وأبو ظبي، كشف زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في حديث نقله عنه الخبير العسكري العميد عبد الغني الزبيدي بعد لقائه به، أن الإمارات طلبت من الحركة، عبر شخصيات عربية، توجيه ضربات قوية وموجعة إلى السعودية، واستهداف المنشآت الاقتصادية الهامة التابعة لمشروع «نيوم» الاقتصادي، والذي تطمح من خلاله الرياض إلى تقوية تأثيرها إقليمياً، إلا أن الحركة رفضت العرض الإماراتي، مجدّدة تحذيرها من استهداف الإمارات والسعودية على حد سواء في حال استمر العدوان على اليمن.وأبدى الحوثي انزعاجه من جمود مسار السلام، داعياً السعودية إلى عدم الوقوع في الوهم الذي وقعت فيه الإمارات عندما حسّنت الأخيرة علاقاتها مع إيران العام قبل الماضي، مُستغلةً ذلك لتصعيد عملياتها العسكرية في محور شبوة، ظناً منها أن صنعاء لن ترد، فتمّ ضرب مطار أبو ظبي والقاعدة الجوية الأميركية فيه، بحسب الزبيدي. وأكّد الحوثي أن طهران التي تربطها علاقة استراتيجية مع الحركة كانت أبلغت الإماراتيين حينها أنها لا تتدخل في حق اليمنيين في الدفاع عن أنفسهم. وكذلك فعلت طهران أخيراً بتبليغها الجانب السعودي أن أي نقاش حول ملف الحرب والسلام في اليمن يكون مع صنعاء وليس معها، بينما عرضت على السعودية التدخل لتقريب وجهات النظر في حال طلبت «أنصار الله» ذلك، وهو ما فهمته الرياض، بحسب الزبيدي.
كذلك، كشف الحوثي عن تهديد أميركي لصنعاء بإرسال قوات لاحتلال محافظة الجوف في حال معاودة الهجوم على أبو ظبي، مؤكداً أن هذا التهديد لم يفلح، مبيّناً أنه برغم إرسال الأميركيين عبر طرف ثالث إلى صنعاء صورة ظهر آثار الضربة للقاعدة الجوية وصور أخرى حدّدت أماكن انطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة التي استخدمت في العملية، فإنه تمّ الرد بعملية مماثلة لم يستطع الأميركيون تحديد مكان انطلاقها، ما اضطرّ الإمارات لسحب القوات الموالية لها من عدد من مناطق شبوة.
وعن انحسار المفاوضات مع الرياض، نقل الزبيدي عن الحوثي أن سبب تراجع السعودية عن الموافقة المبدئية على تلبية مطالب «أنصار الله» هو التدخّل الأميركي لمنع أي تجاوز سعودي للهامش الممنوح للمملكة. وأوضح الحوثي أن زيارة المستشار الأميركي للأمن القومي، جاك سوليفان، إلى الرياض، جاءت في إطار الاعتراض على الحوار السعودي ـــ اليمني، متطرّقاً إلى ما تبع ذلك من إملاءات وضغوط، بعد أن كاد الطرفان يتوصّلان إلى تفاهم، إثر الموافقة «المبدئية» للسعودية بشأن التعويضات ومعالجات آثار الحرب. وقال الحوثي إنه بينما كانت تبحث السعودية عن تسمية مغايرة للطرح اليمني حول التعويضات، تدخّلت واشنطن بدعوتها إلى مؤتمر دولي للمانحين تكون فيه الرياض أكبر المساهمين في إعادة إعمار اليمن، وهو ما استدعى رفض صنعاء التي شدّدت على ضرورة أن تدفع السعودية التعويضات، وفقاً لمقتضيات القانون الدولي والإنساني. وجدّد الحوثي التأكيد أن صنعاء لن تفرط بحقوق الشعب اليمني ولن تتنازل عنها مهما حصل وستنتزعها سلماً أو حرباً.
ووفق زعيم «أنصار الله»، فإن الموافقة السعودية كانت شملت تنفيذ معظم مطالب صنعاء، ومنها وقف العدوان بشكل كامل ورفع الحصار «مبدئياً»، بالبدء بتوسعة رحلات الطيران التجاري من مطار صنعاء إلى وجهات سفر جديدة، فضلاً عن رفع جزئي للحصار على ميناء الحديدة، وملف صرف المرتبات الذي سادته تعقيدات حول مصدر الإيرادات وآلية الصرف. وأشار الحوثي، بحسب الزبيدي، إلى أن صنعاء أكدت للسعودية أن أولويّتها تتمثل في الملف الإنساني، ومن بعدها يأتي ملف التعويضات ومعالجات آثار الحرب، ورحيل القوات المحتلة من كل شبر من الأراضي اليمنية، وأن وقف التدخل الخارجي هو المدخل الوحيد لتحاور اليمنيين وتقديم التنازلات في ما بينهم.