صنعاء| تنطلق، غداً، بشكل رسمي، عملية إنقاذ سفينة النفط العائمة «صافر»، على سواحل اليمن الغربية الواقعة على البحر الأحمر. وبعد أن تأخّرت هذه الخطوة لسنوات طويلة، وصلت، مساء الثلاثاء الماضي، سفينة الدعم الفنّي «إنديفور»، مع الفريق الفنّي التابع لشركة «سميث سالفدج» الهولندية، إلى ميناء الصليف الواقع بالقرب من ميناء رأس عيسى النفطي الذي ترسو فيه "صافر" منذ عام 1986. وبحسب مصادر ملاحية في محافظة الحديدة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن السفينة الهولندية مزوّدة بكافة الإمكانيات والأجهزة التي تتطلّبها مرحلة الكشف الفنّي، والشروع في تنفيذ عملية نقل النفط الخام إلى السفينة البديلة «نوتيكا» التي ترسو في سواحل جيبوتي منذ السابع من الشهر الفائت. وشكّكت المصادر في وفاء "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالمواعيد الموضوعة من قِبَله، مضيفةً أن تصريحات المنظّمة الدولية بشأن نقص التمويل اللازم قد تعيق المهمّة في حال عدم التمكّن من سدّ الفجوة التمويلية، مرجِعةً هذه الفجوة إلى رصد المنظّمة تكاليف ونفقات صيانة مبالغاً فيها. وعلى رغم الحماس الكبير الذي أبداه منسّق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، أثناء مرافقته «إنديفور» من جيبوتي إلى الحديدة، إلّا أنه توقّع تأخّر البدء بعملية التفريغ، مشيراً إلى أن الفريق الفنّي لشركة «سميث» سوف يباشر أعمال الفحص الشامل والتقييم لحالة السفينة، وفي حال تطلّب وضعها قيام الفريق بإخراج المياه المتسرّبة من داخلها وسدّ أيّ شقوق في جسمها وتدعيم المناطق الخطرة والضعيفة فيها، فإن عملية نقل الخام، والتي تأتي في المرحلة الثانية، قد تتأخّر.وفي هذا الإطار، توقّع مدير "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، أخيم شتاينر، أن يستغرق نقل النفط ما بين أسبوع وثلاثة أسابيع، في حال بيّنت نتائج الفحص والتقييم سلامة السفينة وإمكانية النقل من دون مخاطر تسرّب. وأشار إلى أن التوقيت قد يتغيّر في ضوء نتائج الفحص. وفي أوّل ردّ فعل على ذلك، رحّبت حكومتا صنعاء وعدن بوصول الفريق الخاص بالإنقاذ، على رغم الأنباء عن اتجاه الأمم المتحدة نحو التنصّل من اتفاق سابق يقضي بشراء سفينة بديلة بالمواصفات نفسها، يتمّ تخزين النفط فيها. ولمّح عضو «المجلس السياسي الأعلى» (الحاكم) في صنعاء، محمد علي الحوثي، إلى خطورة استبدال «صافر» المعدّة لتصدير النفط، بالسفينة «نوتيكا» التي اشترتها الأمم المتحدة بنحو 55 مليون دولار في آذار الماضي، مبرّرةً ذلك بعدم تمكّنها من الحصول على ناقلة مستأجرة. والسفينة المشتراة من الصين عمرها يتجاوز 15 عاماً، ووضعها الفني متهالك، على رغم إجراء الأمم المتحدة عملية صيانة لها بنحو 15 مليون دولار. ويحذّر مراقبون، أيضاً، من استغلال الأمم المتحدة حالة الانقسام بين الأطراف اليمنية، والمخاوف المتصاعدة من حدوث كارثة تسرّب نفطي في البحر الأحمر، للتهرّب من التزاماتها بإيجاد بديل مكافئ لـ«صافر»، مشيرين إلى أن خطوة كهذه سوف تتسبّب بتوقّف صادرت النفط عبر ميناء رأس عيسى من جانب، وستكون لها آثار مدمِّرة على أنبوب النفط الخام الذي ينقل الخام من منشأة صافر في محافظة مأرب بطول 435 كيلومتراً إلى سواحل الحديدة، من جانب آخر. وفي عدن، شدّدت «اللجنة الوطنية للطوارئ لمواجهة مخاطر الخزان صافر» على ضرورة إيجاد الأمم المتحدة البديل، وكذلك سرعة التفريغ. واللافت في الأمر أن الأطراف اليمنية لم تتحدّث عن ملكية النفط الخام في السفينة، والذي تبيّن أنه يتبع لشركات أميركية وفرنسية ودنماركية ونمساوية، لم تتخلّ عنه رسمياً، ولم تتحمّل مسؤوليتها القانونية عن تداعيات بقاء تلك الكمّية المقدّرة بأكثر من 1.1مليون برميل من خام صافر الخفيف في عرض البحر.
وتمتدّ عملية إنقاذ السفينة، والتي اتُّفق عليها بين صنعاء والأمم المتحدة مطلع آذار 2022، على 18 شهراً، موزّعة على أربع مراحل: الأولى الفحص والتقييم، والثانية نزع فتيل الخطر بنقل النفط من السفينة، والثالثة والرابعة تتعلّقان بتركيب خزّان بديل. إلّا ما جاء في مضمون الخطة الأممية الطارئة، يؤكد أن دور الأمم المتحدة سيتوقّف عند نقل النفط الخام من سفينة إلى أخرى، بهدف تفادي كارثة بيئية في البحر الأحمر. وحصلت «الأخبار» على نسخة من هذه الخطّة، يبدو فيها مصير «صافر» بعد إفراغ النفط منها غامضاً ومحاطاً بالكثير من الشكوك. واعتمدت المنظمة الدولية، بحسب الأوراق، تكاليف شركة محاماة قدرها 3.15 مليون دولار، وخصّصت لعملية إزالة الشحوم فقط من السفينة 5 ملايين دولار، ولعملية الإنقاذ 35 مليون دولار، ونحو مليونَي دولار تأمين على الآلات وهيكل السفينة، وأقرّت 1.68 مليون دولار كرسوم تأمين على حمولة النفط الخام، و12.925 مليون دولار كأجور لطاقمها وتكاليف صيانة. وورد في الخطّة أن "البرنامج الإنمائي" يعتزم بيع «صافر» كخردة بقيمة 20 مليون دولار، وأنه اعتمد 3 ملايين دولار مخصّصات طوارئ، ومثلها نفقات تشغيل وتوظيف للأمم المتحدة، ونسبة 3% من إجمالي النفقات عمولة له. أمّا اللافت، فهو تخصيص 20 مليون دولار لشراء وحدة تخزين وتفريغ لعملية التحويل، و35 مليون دولار لتنفيذ عملية التحويل، ونحو 11 مليون دولار لشراء عمود صاعد ونظام إرساء، وتقييم شبكة الأنابيب والمجمّعات في «صافر»، و9.5 مليون دولار لتركيب نظام الإرساء الجديد، و6.5 ملايين دولار كتكاليف لنقل وحدة التخزين والتفريغ إلى مكانها المخصّص.