صنعاء | في الوقت الذي عزّز فيه تَجدّد مفاوضات جنيف، آمال المئات من أهالي الأسرى والمعتقَلين بانفراجة قريبة، صُدمت عوائل أسرى محور كتاف الذين شاركوا في معركة وادي أبو جبارة في محافظة صعدة، ووقعوا في قبضة قوّات صنعاء في عملية «نصر من الله» أواخر آب 2019، بتنكّر السعودية والحكومة الموالية لها، لهم، إذ نفى الوفد السعودي في المفاوضات علاقته بـ2000 أسير كانوا يقاتلون تحت إمرته بشكل مباشر في تلك المعركة التي سقطت فيها ثلاثة ألوية سلفية في عملية التفافية أدّت إلى محاصرتها وإرغامها على الاستسلام. كذلك، رفض وفد حكومة عدن مناقشة ملفّ هؤلاء بدعوى أنهم «لا يتبعون وزارة الدفاع»، وهو ما أثار سخطاً كبيراً في صفوف أهاليهم الذين اتّهموا الرياض والحكومة الموالية لها بالتنصّل من أبنائهم.والجدير ذكره، هنا، أن هؤلاء الأسرى كانوا من ضمن التشكيلات التي أسّسها قائد «القوّات المشتركة» السابق، الأمير فهد بن تركي، عام 2018، وأُوكلت قيادتها إلى رئيس «لجنة الحشد المشتركة في الحدّ الجنوبي» للمملكة السعودية، اللواء سعد آل جابر. وقد سبق لوفد الحكومة الموالية لـ«التحالف» أنْ رفض الحديث عنهم في جولات التفاوض السابقة بشأن الأسرى، والتي أعقبت التوقيع على «اتّفاق استوكهولم» في تشرين الأوّل 2020، من دون إبداء السبب. إلّا أن وزارة الدفاع في تلك الحكومة عادت وردّت على طلب تَقدّمت به «رابطة أسرى كتاف»، مطلع عام 2021، بالقول إن كلّ مَن تمّ أَسرهم في معركة وادي آل جبارة، وينتسبون إلى «لواء الفتح» الذي كان يقوده رداد الهاشمي، وهو قيادي سلفي مقرَّب من الرياض، وكذلك «لواء الوحدة» بقيادة أبي عبيدة المعبري وهو قيادي سلفي أيضاً، «لا يتبعون المنطقة الخامسة وليسوا من منتسبي وزارة الدفاع». وعلى إثر هذا الردّ، عمد أهالي الأسرى إلى تنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية في محافظتَي تعز ومأرب، مطالبين بسرعة الإفراج عن أبنائهم في أيّ صفقة تبادُل قادمة، فيما سبق لحركة «أنصار الله» أن أفرجت عن عدد منهم خلال العامَين الماضيَين، بعدما استهدف الطيران الحربي السعودي، أواخر 2019، بعضهم في سجن كلّية المجتمع في محافظة ذمار، بسلسة غارات جوّية أدّت إلى مقتل وإصابة نحو 170.
يؤكّد أكثر من مصدر في صنعاء وجود مؤشّرات إيجابية في مفاوضات جنيف


إزاء ذلك، أكّدت «منظّمة سام للحقوق والحريات»، في وقت سابق، أن السعودية وحكومة عدن أهملتا أسرى وادي آل أبو جبارة، وامتنعتا عن فتْح ملفّهما في كلّ جولات التفاوض مع «أنصار الله»، معتبرةً هذا الإهمال «غير مقبول»، ومُطالِبةً بإدراج هؤلاء الأسرى ضمن مفاوضات التبادل. وذكّرت المنظّمة بأن الكثير من اليمنيين الذين قاتلوا في الحدّ الجنوبي ضمن ألوية خاضعة لإشراف سعودي مباشر، وأُوكلت قيادتها إلى شخصيات سلفية، لا يمتلكون أيّ خبرات قتالية سابقة. وعلى خلفيّة «التبرّؤ» من أولئك، لا يستعبد مراقبون تأثُّر علاقة السعودية بالتيّار السلفي الموالي له، والذي أضحى أخيراً «ذراعها الضاربة» في المحافظات الجنوبية، حيث حشدت الآلاف من منتسبيه ضمن قوّات «درع الوطن»، في إطار صراع النفوذ والسيطرة الدائر بينها وبين الإمارات.
في هذا الوقت، يؤكّد أكثر من مصدر في صنعاء وجود مؤشّرات إيجابية في مفاوضات جنيف، التي تحدّث نائب وزير خارجية حكومة الإنقاذ، حسين العزي، عن توصّل المشاركين فيها إلى تفاهمات، وموافقة السعودية في خلالها على الإفراج عن المواطِنة اليمنية، مروى الصبري، التي اعتُقلت من قِبَل شرطة الحرم المكّي أثناء أدائها مناسك العمرة قبل شهرَين، وأثار اعتقالها موجة سخط كبيرة في اليمن. وقُبض على الصبري، التي ستتمّ إعادتها إلى بلادها بعد صدور عفو ملكي عنها، على خلفية مشادّة كلامية مع إحدى حارسات الحرم، اتَّهمت خلالها السعودية بـ«تدمير اليمن»، ما أدّى إلى الحُكم عليها بالسجن لمدّة عام.