صنعاء | استمراراً للخطوات المشكوك في صدقيّتها التي تتّخذها الأمم المتحدة من حين إلى آخر في اليمن، منع فريق التفتيش التابع لها في جيبوتي، قبل يومين، دخول سفينة تجارية إلى ميناء الحديدة. وأكد مصدر ملاحي، لـ«الأخبار»، أن آلية التفتيش والتحقُّق التابعة للمنظمة الدولية، تعمّدت إعاقة السفينة التجارية، «أنجلينا»، أثناء توجّهها إلى الميناء، ورفضت تفتيشها ومنْحها ترخيص دخول، من دون مبرّر. وبحسب المصدر نفسه، فإن هذا الإجراء يتناقض كليّاً مع إبداء الأمم المتحدة الحرْص على عدم تدهور الوضع الإنساني في اليمن، ويعيق سلاسل الإمدادات الآتية من الأسواق الدولية إلى ميناء الحديدة. وتزامن التطوّر المذكور، الذي استفزّ صنعاء، ودفع عدداً من كبار مسؤوليها إلى التحذير من تداعياته، مع زيارة لرئيس البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة، الجنرال مايكل بيري، ونائبته، فيفيان فان دي بير، إلى ميناء الصلف، للاطلاع على جاهزيته لاستقبال السفن التجارية والغذائية، وذلك في إطار توجّه صنعاء لوقف استيراد السلع والمنتجات عبر ميناء عدن، رداً على قرار حكومة معين عبد الملك، رفْع الدولار الجمركي بنسبة 50%، وتجاهُلها كافّة المطالب بالعدول عن قرارها الذي تسبّب بارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية، وضاعف من معاناة اليمنيين.وطالبت صنعاء، على لسان رئيس فريقها المشارك في إعادة الانتشار في الحديدة، اللواء علي الموشكي، البعثة الأممية، بالعمل على تطبيق مخرجات «اتفاق السويد»، والمتمثّلة في السماح بتدفّق المواد والسلع الغذائية والدوائية، ورفْع القيود المفروضة على موانئ البحر الأحمر، والضغط على الدول المانحة للإيفاء بتعهّداتها إزاء إعادة تأهيل الموانئ المتضرّرة جراء الحرب. كما أكدت عزمها كسْر حصار ميناء الحديدة، وإدخال السفن التجارية حتى ولو تطلّب الأمر «استخدام القوّة»، متوعّدة «التحالف» بـ«تدابير وإجراءات صارمة»، رداً على إعاقة مرور ناقلة نفط يمنية إلى الميناء المذكور. وفي السياق نفسه، قال نائب وزير خارجية «حكومة الإنقاذ»، حسين العزي، في سلسلة تغريدات، إن تبنّي الفريق الأممي في جيبوتي عمليّة عرقلة السفينة «أنجلينا»، «أمر مخجل، ويؤكد عدم حياديّة الأمم المتحدة وتورّطها في وضْع آليتها تحت تصرّف دول العدوان لممارسة الحصار عبرها».
اتّهمت حكومة «الإنقاذ» غوتيريش وغروندوبرغ بالمشاركة في حصار الشعب اليمني


ومن شأن الإجراء الأممي الأخير أن يثير مخاوف التجّار الذين كانت وزارة الصناعة في صنعاء التقت بهم، وحثّتهم على تغيير مسار السفن التجارية وسفن الحاويات من موانئ عدن إلى ميناء الحديدة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات «المجلس السياسي» الذي قدّم تسهيلات كبيرة لكافّة المستورِدين. ومن هنا، اتّهمت حكومة «الإنقاذ»، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الخاص هانس غروندوبرغ، بـ«حصار الشعب اليمني»، معتبرةً أن الامتناع عن إعطاء ترخيص لإحدى السفن مطلع الأسبوع الجاري، يؤكد "تبنّي الأمم المتحدة مواقف دول العدوان". ودعت التجّار إلى الاستيراد عبر الحديدة، معلنة تحمُّلها كافّة تكاليف غرامات تأخير السفن في جيبوتي. ووجّهت وزارتَي النقل والصناعة والتجارة بسرعة الترتيب لإعادة مسار الملاحة البحرية عبر الحديدة في أقرب وقت ممكن، واستمرار التواصل مع الشركات الملاحية وحثّها على نقْل مسارها من عدن، مشيرة إلى أن الاستيراد عبر ميناء الحديدة سيجنّب المواطنين تبعات المضاعفات السعرية الناتجة من الإتاوات التي تفرضها الميليشيات الموالية لـ«التحالف» في المحافظات الجنوبية على البضائع التي يتمّ استيرادها عبر عدن، كما سيخفّض تكلفة النقل البحري والبرّي التي تبلغ نحو 500% أسوة بميناء الحديدة.
ويقول خبراء اقتصاد إن أسعار المواد الاستهلاكية ستنخفض بنسبة 30% في الأسواق الخاضعة لسيطرة حكومة «الإنقاذ» في حال تحويل مسار السفن إلى ميناء الحديدة، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على حياة اليمنيين. وبحسب مصادر في وزارة الصناعة في صنعاء، فإن شركات ملاحية محلّية وعالميّة أبدت استعدادها لنقْل مختلف البضائع عبر كافّة الخطوط الملاحية إلى الميناء المذكور، كما أبدى عدد من الشركات والتجّار في العاصمة استعداداً مماثلاً، في حال تمّ تأمين مرور السفن التجارية من دون اعتراض. وكانت عدة جهات حكومية، ومنها وزارة الصحة، أعلنت التوقّف عن استيراد الأدوية عبر عدن، والانتقال إلى الحديدة كضرورة لخفض التكاليف الخاصّة بالأدوية المستورَدة.