صنعاء | تواصِل الدبلوماسية العُمانية بذل المزيد من الجهود على طريق إزاحة العقبات التي لا تزال تحول دون إعلان تمديد الهدنة في اليمن، على رغم توصّل الرياض وصنعاء إلى تفاهم على فصْل الملفّ الإنساني عن الملفَّين العسكري والسياسي. وبالتوازي مع ذلك، يأتي إعلان وزارة الخارجية الأميركية عودة مبعوثها، تيم ليندركينغ، إلى المنطقة، ليثير الخشية من ضغط أميركي متجدّد في اتّجاه تكريس الوضع القائم، ومنع الإعلان عن اتّفاق نهائي. وفي هذا الإطار، لا تستبعد قيادات في صنعاء أن تضطرّ الرياض إلى التراجع عن التزاماتها والانقلاب على تفاهماتها مع «أنصار الله»، وخاصة أن المبعوث الأميركي سبق له أن تسبّب بإفشال اتّفاقات سابقة غير معلنة، أواخر تشرين الأول من العام الماضي، كما سبق لصنعاء أن اتّهمت واشنطن ولندن بإفشال جهود تمديد الهدنة.وممّا يعزّز الأجواء التشاؤمية تلك، عودة الترتيبات العسكرية في المحافظات الخاضعة للتحالف السعودي - الإماراتي، وأحدثُها تشكيل ما يزيد على ثمانية ألوية عسكرية بقِوام أكثر من 20 ألف عنصر سلفي تحت مسمّى «درع الوطن»، ومنْحها صفة رسمية من قِبل رئيس «المجلس الرئاسي» رشاد العليمي، وكذلك رفض الحكومة الموالية لـ«التحالف» التراجع عن قراراتها الاقتصادية الأخيرة المتمثّلة في رفْع سعر الدولار الجمركي على الواردات التي تدْخل إلى ميناء عدن، والتي من شأنها مضاعفة معاناة اليمنيين. ويُضاف إلى ما تَقدّم، استمرار التصعيد العسكري السعودي ضدّ سكان القرى الحدودية مع جيزان في محافظة صعدة، وتأخّر الموافقة السعودية الرسمية على مطالب صنعاء المتّصلة بالملفّ الإنساني.
نفت قيادات في صنعاء توقّف المشاورات بين الأخيرة والرياض


مع ذلك، تؤكد مصادر دبلوماسية في الحكومة الموالية للتحالف، لـ«الأخبار»، استمرار الجهود الإقليمية والدولية لتذليل الخلافات، مستدركةً بأن تلك الجهود التي كانت حقّقت تقدّماً في مسار السلام، لا تزال من دون نتائج عملياتية حتى الآن، في وقت دعا فيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي، جبرائيل فيناليس، وسفراء عدد من الدول الأوروبية، خلال زيارتهم أواخر الأسبوع الماضي لمدينة عدن، إلى دعم المساعي الهادفة إلى إحلال السلام. أمّا في صنعاء، ومع دخول الشهر الرابع منذ انتهاء الهدنة من دون إعلان تمديد جديد لها، ومرور نحو شهر على الحراك الدبلوماسي المكثّف الذي رفَع سقف التوقّعات الشعبية برفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة وصرف المرتّبات من دون استثناء، فقد نفى عضو الوفد المفاوض، حميد عاصم، الأنباء عن توقّف المشاورات بين صنعاء والرياض، منبّهاً في الوقت نفسه إلى أن «أنصار الله لا تملك المزيد من الخيارات في هذا الجانب، فإمّا السلام الشامل أو العودة إلى الحرب»، مؤكداً «رفْض صنعاء طلب الرياض بخصوص المنطقة العازلة على الحدود اليمنية السعودية بعرض 30 كلم». بدوره، توقّع وزير الدولة في حكومة الإنقاذ، عبد العزيز البكير، «انفراجة وشيكة» خلال الأيام القادمة، وقال، في تغريدة، إن هناك مؤشّرات إلى استجابة السعودية لمطالب «أنصار الله»، وهو ما سيتيح إعلان الاتفاق والشروع في تنفيذ بنوده.
ومع اقتراب انعقاد جلسة خاصة لمجلس الأمن لمناقشة مستجدّات الأوضاع في اليمن منتصف الشهر الجاري، حيث من المقرّر أن يقدّم المبعوث الأممي إحاطته الدورية بشأن الجهود الأخيرة لإحياء الهدنة وفقاً لجدول أعمال الجلسة الذي أُقرّ الأربعاء الماضي، أعلنت الولايات المتحدة بدء مبعوثها إلى اليمن جولة جديدة في المنطقة تشمل الإمارات وعُمان والسعودية، قائلةً إن ليندركينغ سيحثّ الأطراف كافة على تكثيف مشاركتهم مع الأمم المتحدة لإطلاق عملية سياسية يمنية - يمنية، يمكن أن تنهي الحرب بشكل دائم. وفي هذا الإطار، شدّد المبعوث الأميركي على ضرورة اغتنام أطراف الصراع فرصة التهدئة للبدء بهذه العملية، لافتاً، في كلمة بمناسبة مرور عامين على تعيينه، إلى أن الهدنة ساعدت على تهيئة الظروف لمفاوضات سلام شاملة.