صنعاء | دارت معارك طاحنة، خلال اليومين الماضيين، بين الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من جهة، وتنظيم «القاعدة» من جهة أخرى، شرق محافظة البيضاء، وسط البلاد. وبدأت المعارك، التي تساند «القاعدة» فيها ميليشياتٌ سلفية متشدّدة وتجري بتنسيق وتمويل من التحالف السعودي - الإماراتي، بهجوم مباغت على مواقع تابعة لقوات صنعاء في منطقة الحازمية في مديرية الصومعة، أحد أهمّ معاقل «القاعدة» في المديرية الواقعة جنوب محافظة مأرب، ليواجه الجيش و«اللجان» ذلك بشنّ هجوم واسع استمرّ لساعات، وانتهى باستعادة عدد من المواقع، ومقتل عدد من عناصر التنظيم بينهم قيادات ميدانية. وكانت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أعلنت، على رغم عدم امتلاكها أيّ قوات تابعة لها في الصومعة، انطلاق «معركة استعادة البيضاء»، مُطلقةً على العملية تسمية «النجم الثاقب»، وهو ما عُدّ اعترافاً علنياً بتحالفها مع التنظيمات الإرهابية في المحافظة. وأفادت مصادر قبلية، «الأخبار»، بـ«اتّساع نطاق المعركة خلال اليومين الماضيين من جبهات الصومعة إلى مديرية الزاهر الواقعة بين محافظتَي البيضاء ولحج، والتي تمتلك حدوداً إدارية مع مناطق يافع، بينما تُعدّ الصومعة من المديريات الحدودية مع مأرب وأبين وشبوة». واعتبرت المصادر أن «زمان ومكان إعادة المعارك إلى محافظة البيضاء كانا مدروسَين بدقّة»، مشيرة إلى أن «دول تحالف العدوان دفعت بتعزيزات سلفية متطرّفة موالية لها ومموّلة منها عبر طريق الإمداد الذي يربط بين مديرية لودر في محافظة أبين ومديرية الصومعة الواقعة في البيضاء»، بالإضافة إلى «تعزيزات مماثلة من ميليشيات العمالقة التي يقودها السلفي المتطرّف الموالي لتحالف العدوان أبو زرعة المحرمي، تمّ الدفع بها إلى مديرية الزاهر في المحافظة نفسها من اتجاه مديريات يافع في محافظة لحج».
لم يوقف اشتعال جبهات البيضاء عمليات الجيش و«اللجان» في جبهات تخوم مدينة مأرب

ولفتت المصادر إلى أن «المعركة أخذت طابعاً آخر خلال الـ24 ساعة الماضية بعد أن تبادل الطرفان الكرّ والفر في جبهات الصومعة يومَي الجمعة والسبت»، مضيفاً أن «تعزيزات عسكرية نوعية تلقّاها الجيش واللجان الشعبية في جبهات البيضاء، عزّزت موقفهما العسكري وقلبت المعادلة على الأرض لصالحهما ليستعيدا زمام المبادرة» هناك. وبالتزامن مع تقدّم قوات صنعاء باتجاه معقل «القاعدة» الأخير في منطقة الحازمية خلال معارك الأحد، تدخّل ما يسمّى «قوات العمالقة» السلفية الجنوبية لإنقاذ مواقع التنظيم من السقوط، وفتحت جبهة عسكرية مسنودة بميليشيات «الإصلاح» في القطاع الغربي لمديرية الزاهر جنوب غرب المحافظة. وأوضحت المصادر أن «ميليشيات العمالقة السلفية حاولت التقدّم في منطقة آل مظفر والمواقع المحيطة بها، واستطاعت التقدّم في عدد من المواقع لساعات، قبل أن يشنّ الجيش واللجان هجوماً عكسياً كبيراً انتهى باستعادة تلك المواقع، بل والتقدّم باتجاه معاقل القاعدة في الحازمية، على رغم كثافة الغارات التي شنّها الطيران السعودي».
ومنذ بدء المواجهات في جبهات الصومعة والزاهر في محافظة البيضاء الاستراتيجية، التي ترتبط بحدود برّية مع ثماني محافظات أبرزها صنعاء، لقي عدد من أمراء «القاعدة» مصرعهم برصاص قوات صنعاء. ووفقاً لمصادر محلية، فإن «أمير القاعدة» في البيضاء، المدعو أبو ذر الطيابي، وأحد أمراء التنظيم الميدانيين ويدعى أبو حذيفة العزاني، إضافة إلى القيادي أبو مرجانة المصري، قُتلوا خلال الساعات الـ48 الماضية في الصومعة. كما قُتل «أمراء» آخرون في قصف مدفعي نفّذه الجيش و«اللجان»، استهدف اجتماعاً لقيادات التنظيم في منطقة طياب، وأدّى إلى مصرع أمير «القاعدة» في منطقة عنه في مديرية ذي ناعم أحمد محمد القيسي، واثنين من أبنائه، و«أمير» الجناح العسكري للتنظيم في «إمارة» مودية في محافظة أبين محمد حسين الجنيدي، والقياديين توفيق الفروي وعبد الحكيم مبارك القيسي وعثمان أحمد عبد الله المشدلي. وكانت قوات صنعاء شنّت عملية عسكرية واسعة ضدّ معاقل تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» في مديريتَي القريشية وبن ربيع شمال غرب محافظة البيضاء خلال النصف الأخير من العام الفائت، وأمّنت عدداً من مناطق جنوب غرب الصومعة.
على أن اشتعال جبهات البيضاء منذ أيام لم يوقف عمليات الجيش و«اللجان» في جبهات تخوم مدينة مأرب، كما لم يفلح في تبديل مسار المعركة هناك لصالح قوات هادي وميليشيات «الإصلاح». إذ شنّت قوات صنعاء، منذ مساء الأحد وحتى صباح الاثنين، هجوماً واسعاً جنوب مديرية رغوان الواقعة شمال غرب مأرب، لتمتدّ العملية حتى أطراف وادي نخلا الواقعة في نطاق الجبهة الغربية للمدينة. وعلى رغم إسناد طيران العدوان قوات هادي وميليشيات «الإصلاح» بأكثر من 40 غارة، إلا أن مصادر قبلية أفادت بأن الجيش و«اللجان» استطاعا تحقيق تقدّم محدود في جبهات رغوان، وتمكّنا من إيقاع خسائر بشرية في صفوف خصومهما، واغتنام أسلحة ومدرّعات سعودية. وتشهد الجبهة الغربية للمدينة مواجهات متقطّعة وتبادلاً للقصف المدفعي بين فترة وأخرى.