صنعاء | اتّخذت دول تحالف العدوان من تهالك الوضع الفنّي للناقلة النفطية العائمة (صافر) قبالة ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، ورقة ضغط على صنعاء، وتَمكّنت من إثارة اهتمام الرأي العام الدولي في شأن السفينة التي يستدعي وضعها الفنّي تدخّلاً عاجلاً لتفادي كارثة بيئية تُهدّد البحر الأحمر. وعلى رغم تعاظم المخاطر التي تحدق بالسفينة التابعة لشركة "صافر" اليمنية، وموافقة صنعاء على دخول فريق الصيانة التابع للأمم المتحدة ومنحها أعضاءه تصاريح من أجل ذلك، أجّلت المنظمة الدولية موعد وصول الفريق إلى منتصف شهر شباط/ فبراير المقبل بعدما كان مرتقباً أواخر الشهر الجاري، وهو ما اعتبرته صنعاء تأجيلاً غير مبرّر يكشف "زيف" الحرص الأممي على سلامة البيئة وأمنها في البحر الأحمر، ويؤكد استمرار دول العدوان في استخدام الخزان العائم فزّاعة لإثارة مخاوف الدول المحيطة بالبحر الأحمر.وحذّرت "اللجنة الاقتصادية العليا" في صنعاء، أواخر الأسبوع الماضي، من مخاطر تأخير تنفيذ اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لـ"صافر". وكشفت اللجنة، في بيان، أن الأمم المتحدة، ومنذ توقيع الاتفاق في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لم توافِ صنعاء بنسخة منه، معتبرة أن ذلك يثير تساؤلات حول الأهداف الخفيّة لـ"الصخب الإعلامي" وحقيقة "مزاعم" الحرص على سلامة البيئة وأمنها في البحر الأحمر. وكانت الأمم المتحدة أكدت، في الـ24 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تلقّيها رسالة رسمية من حكومة الإنقاذ بموافقة الأخيرة على اقتراح المنظمة الدولية إرسال بعثة خبراء إلى مكان الناقلة المتهالكة، فيما أعلنت صنعاء توقيع اتفاق مع مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث وفريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في شأن الصيانة الشاملة لـ"صافر". وجاء الاتفاق بعد عقد عدد من اللقاءات الافتراضية بين الفريق الفنّي اليمني الخاص بالسفينة في صنعاء وفريق الخبراء الأممي. وعلى رغم الغموض الذي اكتنف الاتفاق لناحية اقتصار الالتزام الأممي فيه على إجراء الصيانة التي تمنع حدوث تسرّب نفطي من السفينة المستخدمة كخزّان عائم لتصدير النفط الخام منذ أواخر ثمانينيات القرن الفائت، ورفْض الفريق الموافقة على توفير مولّد النيتروجين كبديل مناسب لمنظومة الغاز الخامل بهدف منع حدوث انفجار في السفينة أو أيّ من خزاناتها الـ34 الممتلئة بالنفط الخام، علماً بأن تكلفته لا تتجاوز 150 ألف دولار، أعلنت وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ ترحيبها بفريق الخبراء، وأبدت استعدادها الكامل لتقديم التسهيلات كافة له.
تفريغ السفينة يُعدّ أحد أهمّ عوامل نزع فتيل الخطر الذي يتهدّدها


وتوضح مصادر في شركة "صافر" النفطية، في حديث إلى "الأخبار"، أن الاستهلاك اليومي لغلايات السفينة التي توقفت عن الخدمة أواخر العام 2016 بسبب نفاد مادّة المازوت المشغّلة لها، ومنع تحالف العدوان دخول سفينة مازوت تحمل أكثر من 3500 طن من الدخول إلى ميناء رأس عيسى، وتوقّف الصيانة الدورية التي كانت تقوم بها شركة "صافر" بشكل سنوي والتي كانت تُكلّف قرابة 10 ملايين دولار، كلّها عوامل أدّت إلى تدهور الوضع الفنّي للسفينة وتطوّره إلى مرحلة الخطر. وتُبيّن أن الغلايات كانت تستهلك يومياً أقلّ من 20 طناً فقط في اليوم من المازوت، لافتة إلى وجود غلايتين تعملان بالمازوت تقومان بإنتاج البخار اللازم لتشغيل المعدّات الرئيسة في السفينة، مثل مضخّات التصدير ومعدّات تقطير المياه والرافعات؛ وبسبب توقّف الغلّايتين توقّفت أجهزة السفينة كافة. ووفقاً للمصادر، فقد كانت شركة "تهامة" اليمنية هي متعهّدة استيراد قطع غيار "صافر" طيلة العقود الماضية، ولكن نظراً إلى تقادم الناقلة، أصبح من الصعوبة الحصول على قطع الغيار المطلوبة لها في ظلّ الحصار. ونبّهت المصادر إلى أن تفريغ السفينة يُعدّ أحد أهمّ عوامل نزع فتيل الخطر الذي يتهدّدها ويهدّد البيئة البحرية في البحر الأحمر.
من جهتها، اعتبرت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، التي اقترحت قبل أشهر تفريغ السفينة وبيعها كخردة بقيمة 10 ملايين دولار، بيان "اللجنة الاقتصادية" في صنعاء تنصّلاً من الاتفاق مع الأمم المتحدة. إلا أن مراقبين رأوا في موقف صنعاء محاولة لإقامة الحجّة على المنظمة الدولية وإسقاط كلّ الذرائع التي استخدمتها الأخيرة خلال الفترة الماضية للضغط على الأولى بورقة السفينة، معتبرين تراجع اهتمام الأمم المتحدة وكذلك مجلس الأمن، الذي عَبّر سابقاً عن قلقه البالغ حيال وضع الناقلة في عدّة جلسات، دليلاً على غياب الجدية في نزع فتيل الخطر، محذّرين من مغبّة استهداف "صافر" بلغم بحري من قِبَل تحالف العدوان، وتحويلها إلى مبرّر لنقل المعركة في اليمن من البرّ إلى البحر، وذلك في إطار مساعي "التحالف" لتدويل البحر الأحمر وباب المندب.