في وقت باتت فيه قوات صنعاء على أبواب مدينة مأرب، يسيطر التخبّط على صفوف الفصائل المنضوية تحت لواء تحالف العدوان، والتي تتبادل في ما بينها عمليات الإقصاء والتصفية، وتتراشق الاتهامات بالمسؤولية عن الانهزام أمام الجيش و«اللجان الشعبية»، أو تُلقي باللوم على «التحالف» في التقصير في الإسناد الجوي. هذه الحالة جلّاها بوضوح مقطع الفيديو الذي انتشر لقائد «المنطقة العسكرية السادسة» الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، العميد هاشم الأحمر، والذي يعترف فيه باقتراب سيطرة «أنصار الله» على مدينة مأرب، آخر معاقل ما يُسمّى «الشرعية» في شمال اليمن، ويقرّ بانهيار معنويات قوات هادي، قائلاً إن أغلب عناصرها لم يعودوا موجودين إلّا في كشوفات الراتب، ويتمركزون داخل مؤسسّات الدولة في المدينة. وألقى الأحمر باللوم في ذلك على قائد أركان قوات هادي، المحسوب على الإمارات، صغير بن عزيز، مدافعاً في المقابل عن نفسه بأن عناصره وضبّاطه «قاتلوا في السابق بجدّية ومسؤولية» على رغم قطع الرواتب. وفي إشارة إلى يأسه من جدوى الاستمرار في القتال، حثّ الأحمر مقاتليه على بيع منازلهم، مشيراً إلى أن تلك المنازل التي تمّ بناؤها لهم لا مستقبل لها في حال اجتاح مَن وصفهم بـ«الحوثيين» المدينة، التي أكد أن «حدّة الدفاع عنها تراجعت بشكل كبير».
أكّد الأحمر أن حدّة الدفاع عن مدينة مأرب تراجعت بشكل كبير


ويأتي انتشار مواقف الأحمر بعد يوم واحد على سحب القوات السعودية عدداً كبيراً من الناقلات والمعدّات العسكرية الضخمة من معسكر تداوين إلى الحدود. وفيما حاولت مصادر مقرّبة من «التحالف» التقليل من شأن ذلك الانسحاب، واصفة إيّاه بأنه إجراء تبديل بين القوات، نشرت وسائل الإعلام اليمنية مشاهد لانسحاب الآليات السعودية من دون استقدام بدائل لها. وكانت القوات السعودية سحبت معدّاتها الثقيلة من آخر معسكرات «المنطقة السابعة» وهو معسكر الماس، قبل أيام من سيطرة الجيش و«اللجان الشعبية» عليه. وحالياً، تتواجد قوات ومعدّات عسكرية سعودية في معسكرَي تداوين والرُّوَيك، بعدما سحبت المملكة قواتها من الجوف ونهم على إثر اندفاعة الجيش و«اللجان» في تلك الجبهة.
في هذا الوقت، وعلى رغم استشعار جميع الأطراف الموالية لـ«التحالف» الخطر الذي يتهدّدها بفقدان آخر معاقلها شرق صنعاء، إلا أن الصراع لا يزال مستعراً بين قادة المكوّنات المحلية التي تَتشكّل منها جبهات مأرب. وهو صراعٌ كان قد احتدم على خلفية التعيينات العسكرية، إذ استطاع بن عزيز، في الشهور القليلة الماضية، تمرير حزمة كبيرة من التعيينات العسكرية في المراكز العليا يدين أصحابها بالولاء الخالص للنظام الإماراتي، توازياً مع نجاحه في إقصاء العديد من القيادات الأخرى التي تدين بالولاء لحزب «الإصلاح» (الإخوان).
في المقابل، استطاعت قوات صنعاء تأمين جميع المناطق الصحراوية الفاصلة بين محافظتَي مأرب والجوف، من خلال السيطرة على مناطق الجدافر وعدوان، في خطوة تستهدف قطع خطّ الإمدادات إلى مأرب. وكان الجيش و«اللجان الشعبية» أحكما، الأسبوع الماضي، السيطرة على معسكر الماس الاستراتيجي، الذي يُعدُّ آخر وأهمّ خطوط الدفاع عن مدينة مأرب، وتفتح السيطرة عليه طريق التقدّم في اتجاه المدينة. وعلمت «الأخبار»، من مصادر عسكرية، أن قوات صنعاء ولجان المصالحة فيها تعمل على معالجة الأوضاع مع قبيلة جدعان، التي تقاتل مجاميع من أبنائها في صفوف «التحالف».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا