واعترفت حكومة هادي، من جانبها، بخسارتها، واصفة إياها بأنها «تكتيك عسكري» لإعادة مهاجمة المدينة مرة أخرى. وهو ما أثار سخطاً في أوساط القوى الموالية للعدوان، التي اعتبرت سقوط الجوف بداية لسقوط مأرب وتوغّل قوات صنعاء نحو محافظة حضرموت خلال الفترة المقبلة.
بدأت السلطات المحلية الموالية لصنعاء العمل على إعادة ترتيب الأوضاع في المدينة
تهمت قياداتٌ قبلية موالية لـ«التحالف»، بدورها، قوات هادي، بالخيانة والهروب من المعركة وترك القبائل وحدها. في هذا الوقت، تستمرّ المواجهات في منطقة الجر، في ظلّ مساعٍ تبذلها قوات صنعاء لإخراج المقاتلين من أبناء القبائل من قوات هادي، والعودة بهم إلى قراهم آمنين تنفيذاً لاتفاقات كانت أُبرمت مع أهاليهم. وعلمت «الأخبار»، من مصادر قبلية في الجوف، أن قبائل بني نوف والشولان والمحابيب وآل كثير والفقمان توصّلت إلى اتفاق مع قيادة صنعاء، يقضي بانسحاب أبنائها من معارك محيط الحزم، وتولّيها تأمين قرى المدينة ومزارعها، مقابل عدم التعرّض للعائدين من القتال في صفوف «التحالف»، وضمان حرية الحركة لهم. كما ضَمِن الاتفاق للجيش واللجان السيطرة على الطرق من دون التعرّض لعناصرهما، في حين يكون على القبليّ الذي يريد الاستمرار في القتال مغادرة مناطق القبيلة. وبدأ تنفيذ هذا الاتفاق منذ فجر أمس، بعدما كانت منطقة السلمات شهدت إبرام اتفاق مماثل على تأمين الطرقات وطرد قوات هادي.
وأكد عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، محمد علي الحوثي، أمس، سقوط كامل محافظة الجوف بيد الجيش واللجان، مُتوجّهاً بالتهنئة إلى أبناء المحافظة وقياداتها على «الإنجاز الذي شاركوا في تحقيقه». وكان الجانب السعودي، الذي دفع الأسبوع الماضي بتعزيزات شملت مدرّعات حديثة ومنظومة «باتريوت» إلى مدينة الحزم، حاول مساء أول من أمس وقف تقدّم الجيش واللجان، لكن مع فشله في ذلك عمد إلى تأمين تغطية جوية لسحب قوات سعودية ومدفعية متطوّرة وبعض الأسلحة الثقيلة فضلاً عن «الباتريوت» من المدينة، ما دفع بالمئات من عناصر القوات الموالية لهادي إلى الانسحاب من جبهات العقبة ومناطق أخرى، وسط اشتداد ضربات قوات صنعاء، والمغادرة باتجاه مأرب. ومع سقوط الحزم، تصبح محافظة الجوف ثالث محافظة يمنية تمتلك شريطاً حدودياً كبيراً مع السعودية تسقط تحت سيطرة قوات الجيش واللجان بعد محافظتَي صعدة وحجة.
وكان محافظ الجوف الموالي لـ«التحالف»، أمين العكيمي، حذّر، وفق ما تكشفه وثيقة رسمية صادرة عنه بتاريخ 26 شباط/ فبراير، من سقوط الجوف، متهماً قوات موالية لهادي بالخذلان. وأوصى بالاستغناء عن «لواء القوات الخاصة» بقيادة محمد الحجوري، وعدد من الكتائب التابعة لـ«لواء العمليات المشتركة» التي يقود غرفة عملياتها صغير بن عزيز. وجاء في الوثيقة التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، والمُوجّهة إلى وزير الدفاع في حكومة هادي وقائد «العمليات المشتركة» لـ«التحالف»، أن لواء الحجوري وقوات بن عزيز «لم ينفذوا ما يوكل لهم من مهام قتالية لعدة مرات، وكانوا سبباً في إفشال تنفيذ الخطط بسبب عدم التزامهم بتنفيذ الأوامر، وتثبيط بقية القوات المشاركة عن أداء واجبها». والجدير ذكره، هنا، أن الحجوري وبن عزيز محسوبان على الإمارات، التي تتهم الأطراف الموالية لها في المقابل حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون) بـ«بيع الجوف وتسليمها لصنعاء». وعلى رغم أن المواجهات لا تزال قائمة في شرق مدينة الحزم، إلا أنها توقفت في مختلف جبهات الجوف، فيما من المتوقّع أن تتّجه العمليات في اتجاه استكمال السيطرة على محافظة مأرب، في حال عدم استجابة السلطات المحلية الموالية لهادي لمبادرة صنعاء القاضية بتجميد القتال، والقبول بالأمر الواقع.