صنعاء | في الوقت الذي تعيد فيه السعودية ترتيب أوراقها العسكرية في اليمن، استعداداً على ما يبدو لجولة تصعيد جديدة بدأت بوادرها (ولا تزال) في جبهة نهم شمال شرقي صنعاء، جاء الهجوم على معسكر تابع للقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في مأرب، ليطرح الكثير من علامات الاستفهام حول قدرة الرياض على لملمة صفوف الميليشيات المقاتلة تحت لواء «التحالف». إذ، وفقاً لقراءة صنعاء لما جرى، فإن ثمة عملية تصفية حسابات متجدّدة بين التيارات الموالية للإمارات وتلك المحسوبة على حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون)، الذي يُعدّ المعسكر التدريبي المستهدف ليل السبت - الأحد في منطقة الميل شمال غربي مدينة مأرب أحد معسكراته الرئيسة.وأدّى الهجوم، الذي نُفّذ بصاروخ باليستي إلى مقتل وإصابة العشرات من قوات «الحماية الرئاسية» التي يقودها العميد مهران القباطي الموالي لـ«الإصلاح». وبحسب وزارة الخارجية في حكومة هادي، فإن آخر حصيلة للهجوم بلغت «أكثر من 100 قتيل وعشرات الجرحى». وفيما لم يعلن الجيش اليمني واللجان الشعبية مسؤوليتهما عن العملية، حاولت الحكومة الموالية للرياض ومعها وسائل إعلام «التحالف» تحميلهما إياهما. إذ توعّد الناطق باسم قوات هادي، عبده مجلي، بـ«الردّ على الميليشيا الحوثية بقوة في مختلف الجبهات القتالية»، فيما رأى الرئيس المستقيل أن «الأفعال المشينة للميليشيات الحوثية تؤكد من دون شك عدم رغبتها أو جنوحها للسلام»، داعياً إلى «تعزيز اليقظة العسكرية والجاهزية القتالية».
هذه الاتهامات يردّ عليها مصدر عسكري في صنعاء بأنه «لو أرادت قوات الجيش واللجان قصف من يحرّك جبهة نهم، لكان الأولى بها استهداف معسكر صحن الجنّ وليس معسكراً تدريبياً» لقوات جنوبية استُقدمت من محافظة شبوة الأسبوع الماضي لغرض التدريب في مأرب، استعداداً لإرسالها إلى مدينة عدن وفقاً لـ«اتفاق الرياض». ويعتبر المصدر، في حديث إلى «الأخبار»، أن «استهداف معسكر الاستقبال في الميل بمأرب يأتي في إطار التصفيات البينية بين أدوات العدوان، والتي بدأت منذ عام 2016 بتصفية العشرات من الخطباء وأئمة المساجد في عدد من المحافظات الجنوبية، وكذلك قيادات عسكرية في عدن وأبين وحضرموت ومأرب».
وشكّل الهجوم مناسبة لإحياء دعوات ناشطين موالين لـ«التحالف» إلى الكشف عن نتائج التحقيق في الهجوم الصاروخي الذي استهدف، في الـ14 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اجتماع «قيادة القوات المشتركة» في مقرّ وزارة الدفاع في مأرب (ضمّ الاجتماع وزير الدفاع في حكومة هادي اللواء محمد المقدشي، وقائد القوات السعودية في مأرب اللواء عبد الحميد بن هادي المزيني)، وأدى إلى مقتل ستة ضباط ثلاثة منهم برتب عالية. وبعد اعترافها آنذاك بعدم وجود علاقة لـ«أنصار الله» بالعملية، شكّلت حكومة هادي لجنة للتحقيق في الهجوم الذي نُفّذ بصاروخ أميركي الصنع من منصة أرضية مزوّدة بالرادار لتغطية مساحة لا تقلّ عن 8كم لإصابة الهدف. ووفقاً لخبراء عسكريين، فإن ذلك النوع من الصواريخ لا تمتلكه صنعاء، وهو صاروخ أميركي زُوّد به «التحالف». ورجّحت التوقعات، حينها، وقوف الإمارات وراء الحادث، وأيضاً وراء حادث سابق تعرّض له المقرّ نفسه أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى من قوات موالية لـ«الإصلاح».