شهد الأسبوع الماضي تصعيداً عسكرياً ملحوظاً على أكثر من جبهة من قِبَل «التحالف» وحلفائه المحليين، وخصوصاً على جبهة الضالع، حيث حاولوا إحداث اختراقات والتسلّل منها في اتجاه محافظة إب. تصعيدٌ ساوقه الأميركيون بإعلانهم، أول من أمس، على لسان نائب مساعد وزير الخارجية، تيم ليندركينغ، أن «الضغط العسكري على الحوثيين أمر مقبول ومناسب جداً من وجهة نظرنا، لكن هذا لا يعني أننا ندعم الحل العسكري». وقال ليندركينغ إنه «إذا كان ذلك سيجبر الحوثيين على الجلوس إلى طاولة الحوار، فيمكن تفهم ذلك»، وأضاف إن بلاده «لا تشجع الأطراف على الاستمرار في القتال بما يؤدي إلى إطالة أمد النزاع، وإن الحل النهائي يتمثل في الانخراط بمحادثات حول القضايا الصعبة وتقديم التنازلات، وإبقاء التدخل الخارجي إلى الحد الأدنى لكي يكون اليمنيون هم من يتخذون القرارات المصيرية حول مستقبلهم».تصريح ليندركينغ يؤشر إلى أن التسعير الميداني الحالي إنما يستهدف تصعيد الضغوط على «أنصار الله»، من دون الذهاب إلى مواجهات عسكرية واسعة، على رغم التجييش الحاصل حالياً على خلفية معارك الضالع، والمتمثل في تحريض الجنوبيين على الاندفاع للقتال هناك، فضلاً عن زيارات للمسؤولين المحليين المحسوبين على الإمارات إلى تلك الجبهة في إعادة إحياء لأجواء معركة الحديدة في رمضان الماضي. مع ذلك، فإن الخطة الراهنة تقتضي، فقط، تحسين أوراق الرياض وأبو ظبي، ومن ورائهما الدول الغربية، على طاولة التفاوض، وخصوصاً أن المناقشات المتصلة بمدينة الحديدة لم تصل حتى الآن، بالنسبة إلى تلك الأطراف، إلى الحدّ الأدنى الذي يمكن القبول به.
محاولات الضغط على حكومة صنعاء تصاعدت منذ مطلع الشهر الماضي


محاولات الضغط على حكومة صنعاء لإجبارها على تقديم تنازلات تفاوضية، تصاعدت منذ مطلع الشهر الماضي، لدى زيارة وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، لمدينة عدن، حيث أطلق تصريحات اتهم فيها «أنصار الله» بعدم الالتزام بتطبيق اتفاقات السويد، ملوّحاً، أثناء تفقده ميناء المدينة، بجعل الأخير بديلاً من ميناء الحديدة لاستقبال البضائع والمساعدات. ويتضح من ذلك أن السقف الذي كان يأمله الغرب، ومعه النظامان السعودي والإماراتي، من تفاهمات استوكهولم، سواء عبر البنود المباشرة أو تلك التي أرادوا انتزاعها من خلال تحريف فحوى التفاهمات، لم يتقاطع والواقع، حيث واجهوا صدّاً من «أنصار الله» استدعى استئناف التفكير بالضغط العسكري.
انطلاقاً مما تقدم، يبدو أن اليمن مقبل على تصعيد مضبوط، وأن الضوء الأخضر لذلك قد صدر. يعزز هذا التقديرَ استئناف الجوقة السياسية المؤيدة لـ«التحالف» الدعوة إلى تفعيل الخيار العسكري، مثلما دعا إليه أمس مستشار الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، ياسين مكاوي، الذي طالب بـ«العودة إلى الحسم العسكري في الحديدة وبقية المحافظات اليمنية»، متهماً الأمم المتحدة بـ«المماطلة والانحياز إلى طرف صنعاء»، وعدم الجدية في مواجهة ما زعم أنه «مراوغات الانقلابيين». وحذر مكاوي، في حديث صحافي، من محاولات الأمم المتحدة «شرعنة» الحوثي وإيجاد موطئ قدم لإيران في اليمن، وهو «ما لن يكون في مصلحة المنطقة ولا المجتمع الدولي الذي ستصبح مصالحه في مهب الريح»، معتبراً أن «اتفاق استوكهولم دخل غرفة الإنعاش».