في وقت كان فيه اليمنيون يشيّعون ضحايا المجزرة التي ارتكبها، أخيراً، «التحالف» المدعوم أميركياً في محافظة حجة، كان مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على مشروع قرار لإنهاء دعم الولايات المتحدة لهذا «التحالف». تصويت لا يُتوقّع أن يغيّر في هذه المشهدية الدامية كثيراً، وخصوصاً أن القرار الذي مُرّر بأغلبية بسيطة سيواجَه بالـ«فيتو» من الرئيس دونالد ترامب. لكن مع ذلك، قد يفتح تصويت «الشيوخ»، بعد «النواب»، على المشروع المذكور، الباب على تصاعد الحراك الضاغط في اتجاه سحب البساط من تحت قدمَي «التحالف»، بما من شأنه تعزيز جهود وقف الحرب، وإن كانت معظم المعطيات إلى الآن تشير إلى هشاشة تلك الجهود.وفي «صفعة جديدة» لإدارة ترامب، وعلى الرغم من الضغوط التي مارسها البيت الأبيض قبيل بدء التصويت، مُرّر مشروع القرار بأكثرية 54 صوتاً مقابل رفض 46، وحصل على دعم سبعة جمهوريين، بالإضافة إلى الديموقراطيين. وبات يتعيّن الآن على مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديموقراطيون، أن يُوافق على القرار بشكل نهائي، قبل أن ينتقل إلى البيت الأبيض. لكن ترامب سيستخدم حقه في النقض (الفيتو)، بحسب ما أكد البيت الأبيض الذي أعلن الأربعاء «معارضته الشديدة» للمشروع. وبحسب القانون، فإن «الكونغرس يطلب من الرئيس سحب القوات المسلحة الأميركية من العمليات الحربية في الجمهورية اليمنية، أو من تلك التي تؤثر عليها، باستثناء العمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة، وذلك في غضون 30 يوماً من بدء سريان القانون».
ورحب المرشح للرئاسة الأميركية، بيرني ساندرز، بالتصويت الذي وصفه بـ«التاريخي». وكان ساندرز قد قال، قبل التصويت، إن «مشاركة الولايات المتحدة في الحرب التي تشنها السعودية في اليمن لم يأذن بها الكونغرس، وهي تساهم في أسوأ أزمة إنسانية في العالم». من جهته، دعا الجمهوري مايك لي، الذي شارك في تقديم مشروع القانون مع ساندرز، أعضاء مجلس الشيوخ إلى التصويت لمصلحة المشروع، لافتاً إلى أن «السعوديين يستخدمون على الأرجح أسلحة أميركية لارتكاب جرائم حرب».
وفي أعقاب جلسة «الشيوخ»، أول من أمس، وصف رئيس «اللجنة الثورية العليا»، التابعة لـ«أنصار الله»، محمد علي الحوثي، التصويت بأنه «نتيجة لصمود الشعب اليمني الذي واجه العدوان الأميركي البريطاني السعودي الإماراتي ببسالة وصلابة لم تَلِن». موقف تجدّد أمس في صنعاء، حيث شيّع اليمنيون جثامين 17 امرأة وطفلاً، كان قد قتلهم قصف لـ«التحالف» على منطقة مغربة طلان في مديرية كشر في محافظة حجة قبل أيام. وأكد المشيعون «أن جرائم العدوان لن تزيد الشعب اليمني إلا قوة وإصراراً على المواجهة»، فيما أُلقيت كلمات شددت على ضرورة «تعزيز التلاحم» في مواجهة محاولات إضعاف الجبهة الداخلية.
وقال والد أحد الضحايا: «أردنا أن ندفن الجثامين هنا في كشر، لكن الطيران لم يسمح لنا، وظلّ يحلّق في المنطقة، فلم يتمكن المشيعون من الحضور، واضطررنا إلى نقل الجثامين إلى العاصمة». وكان «المجلس النرويجي للاجئين» قد أشار، في بيان هذا الأسبوع، إلى أنه «في حين تتجه أنظار العالم صوب الحديدة، ما زالت الغارات الجوية والقذائف تمطر المدنيين في مناطق أخرى من اليمن، ما يؤدي إلى القتل دون عقاب».