لليوم الرابع على التوالي، لا يزال ملفا مصير مدينة الحديدة ومطار صنعاء، عالقين على طاولة المشاورات اليمنية في السويد، برعاية الأمم المتحدة. ملفان، مرتبطان بأهداف الأمم المتحدة، يهددان مصير المشاورات، التي إن توقفت، قد تدفع الرياض وأبو ظبي إلى معركة شاملة في المدينة المطلة على البحر الأحمر، مرة جديدة، وسط تلويح وفد حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بخيار الميدان. يصر وفد «حكومة الرياض» على انسحاب قوات حكومة «الإنقاذ» و«أنصار الله» بشكل كامل من المدينة الساحلية ومينائها، وتسليمها لقواتها الموجودة في عدن، في المقابل، يؤكد وفد «أنصار الله»، الذي يرفض التخلي عن شريان حياة ملايين السكان، أنه شرط «غير وارد إطلاقاً». أما بشأن مطار صنعاء المغلق منذ عامين، فالحال نفسها، لا تراجع من قبل حكومة هادي عن شرط تفتيش الطائرات أولاً في المطارات الخاضعة لسيطرتها، بما يجعل مطار عدن أو سيئون مطارين رئيسيين للبلاد، فيما تؤكد حكومة صنعاء أن عدن نفسها لا تخضع لسلطات ما تسمى «الشرعية»، كما أوضح أمس، رئيس وفد «أنصار الله»، محمد عبد السلام، في حديث إلى الصحافيين من ستوكهولم، في حين أكد وزير النقل في صنعاء، أمس، جاهزية تشغيل مطار صنعاء من النواحي الأمنية والفنية والمهنية لاستقبال الرحلات المدنية والتجارية. ما سبق، هو النتيجة الثابتة حتى الآن، للمفاوضات الجارية برعاية أممية، منذ الخميس. ورغم بقاء الملفين الأهم في مشاورات بناء الثقة، عالقين على مطالب وفد حكومة هادي المرتفعة السقف، في الحديدة وصنعاء، أوضح كبير المفاوضين في وفد «أنصار الله»، محمد عبد السلام، للصحافيين، أمس، إنه إذا لم يتوصل الطرفان إلى أي اتفاق خلال ثلاثة أو أربعة أيام، فإن الجولة الراهنة ستفشل. لكنه أكد أنه إذا أعد الطرفان مسودة بشأن إطار عمل عام، وإعادة فتح مطار صنعاء، وإطلاق سراح الأسرى، والحفاظ على حياد البنك المركزي، وخفض التصعيد في الحديدة، فإن ذلك سيكون «خطوة طيبة» تمهد لجولة أخرى خلال شهر أو اثنين، وهو ما اتفق معه عليه دبلوماسي في المحادثات، تحدث إلى وكالة «رويترز»، طالباً عدم نشر اسمه، بالقول إن جولة المفاوضات ستعتبر «ناجحة، إذا أسفرت عن اتفاقات بشأن خفض التصعيد، وتبادل الأسرى، والاتفاق على جولة مفاوضات أخرى».
شن طيران «التحالف»، أمس، 15 غارة على نهم والساحل الغربي وصعدة

مما ذكره عبد السلام والمتحدث الدبلوماسي كـ«شروط» لاستكمال المشاورات، يبقى ملف المعتقلين والأسرى، أحد إجراءات بناء الثقة، الوحيد من بينها، يشهد تقدماً منذ الخميس الماضي، إلا أن الثقة المعدومة بين الطرفين، لم يسعفها أول لقاء مباشر بينهما، في قلعة خارج ستوكهولم، أمس، لبحث تنفيذ اتفاق التبادل، إذ رفض أعضاء وفد حكومة هادي، في بادئ الأمر دخول القاعة، مطالبين بضرورة أن يضم وفد «أنصار الله» مزيداً من المسؤولين الكبار، لكن الاجتماع عقد في النهاية، من دون تقدم يُذكر، إذ طلب وفد حكومة هادي، تأجيل تبادل قوائم الأسرى، الذي كان مقرراً أمس، إلى اليوم الاثنين، بحسب ما أكد مسؤول الأسرى في وفد «أنصار الله» التفاوضي، عبد القادر المرتضى، في تصريحات نقلتها قناة «المسيرة»، مشيراً إلى أن «اتفاق تبادل الأسرى محدد بآلية تنفيذية مزمنة»، آملاً من الأمم المتحدة «إلزام الجميع بالتوقيت المحدد، حتى لا يكون هناك مجال للتلاعب والتنصل والتأخير». في ضوء ذلك، طالب عبد السلام بكشف مصير السجناء لدى الإمارات والسعودية، معرباً عن استعداد صنعاء للإفراج عن الأسرى والمعتقلين كافة، على أن يتم تحرك لجنة لرفع الجثامين، بعد توقيع اتفاق الأسرى.
ووسط الجمود الشديد في المشاورات، لم تسعف الولايات المتحدة الأجواء المشحونة في السويد، بين طرفي المفاوضات، بتهيئة الأجواء الدولية، لوقف العدوان المستمر منذ أربعة أعوام، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف، وتسبب في كارثة إنسانية ضخمة. ففي حين التقى وفد «أنصار الله» سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن في السويد، وطالبهم بالضغط الحقيقي على الطرف الآخر، في إشارة إلى «التحالف»، للدخول في حوار سياسي جاد، أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، أمس، من أبو ظبي، مضي إدارة الرئيس دونالد ترامب، في دعم «التحالف»، الذي تقوده السعودية، بعد شهر من تصويت مجلس الشيوخ، على طرح مشروع قرار ينهي الدعم العسكري الأميركي للحرب في اليمن.
الخطوات البطيئة على مائدة الأمم المتحدة في السويد، والتأكيد الأميركي على دعم «التحالف»، قابلهما في الميدان، اتجاه بعيد عن مشاورات السلام. إذ شن طيران «التحالف»، أمس، 15 غارة على نهم والساحل الغربي وصعدة، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي في جبهات عدة. وأكد المتحدث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، أن القوات الموالية لـ«التحالف» في نهم، «زحفوا (أمس) منذ الصباح الباكر، باتجاه مواقع قواتنا في التباب السود بالضبوعة، كما قاموا بمحاولة تسلل باتجاه التباب السود في يام، يساندهم قصف مدفعي وصاروخي كثيف». وفي جبهة قانية بالبيضاء، نفذت القوات زحفاً من ثلاثة مسارات، الأول باتجاه شعب طالب، والثاني باتجاه رتب الزبيري والحمّة، والثالث باتجاه شبكة حوران، وسقط أكثر من 25 منهم، بين قتيل وجريح.