بعد أربعة أيام على إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، من داخل مدينة الحديدة، نيّته الدخول في «مفاوضات تفصيلية» لمنح الأمم المتحدة دوراً إشرافياً في ميناء المدينة، جاء التعليق السعودي على الإعلان على لسان سفير المملكة لدى واشنطن، خالد بن سلمان، في صورة موافقة مُغلّفة بعبارات تضليلية. إذ قال ابن سلمان، في تغريدة على «تويتر»، إن «الحوثيين وافقوا، بعد مماطلتهم لأشهر، على محادثات في شأن تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة في ظلّ التقدم العسكري الذي يحرزه التحالف»، مضيفاً أن «الضغط المتواصل على الميليشيات الحوثية الإيرانية أثبت أنه أفضل سبيل لدفعهم إلى الحل السياسي في اليمن».موقف يريد من ورائه شقيق ولي العهد الإيحاء بأن الحملة الأخيرة التي شنّتها الميليشيات الموالية لـ«التحالف» على مدينة الحديدة، من دون أن تتمكّن من انتزاع إنجاز، هي التي حملت «أنصار الله» على قبول مقترح غريفيث، محاولاً بذلك التعتيم على حقيقة أن هذا المقترح (الذي ينصّ على أن يكون للمنظمة الدولية دور في الميناء، وليس تسليمها إياه كما وصّفه المسؤول السعودي) إنما تقدّمت به الحركة ابتداءً، وأعلنت غير مرة استعدادها للمضيّ فيه، من دون أن تلقى تجاوباً من قِبَل السعودية والإمارات وحلفائهما. وهو ما تكرّر أخيراً مع إعلان الحكومة الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، رفضها أي «محاولة لتمرير اتفاق لا يقضي بتسليم المدينة ومينائها للحكومة الشرعية»، واعتبارها ذلك «انتقاصاً من الشرعية وتجاوزاً للقانون الدولي». لكن الموقف الصادر، أمس، عن خالد بن سلمان، يؤشر إلى قبول سعودي ضمني بالخطة الأممية، بما يجعل رفض حكومة هادي غير ذي معنًى.
الاتحاد الأوروبي: حان الوقت لإنهاء الحرب في اليمن


كذلك، يُعدّ حديث ابن سلمان، بعد الإعلان عن وقف عمليات «التحالف» في محيط الحديدة، مؤشراً إضافياً إلى مرونة سعودية ـــ إماراتية إزاء الضغوط الدولية في اتجاه وقف الحرب، والتي يُتوقّع أن تتعزّز مع التصويت المرتقب داخل مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قرار لوقف دعم الولايات المتحدة لـ«التحالف». تصويت يسنده استمرار الدفع الأممي في اتجاه تثبيت هدنة الحديدة، تمهيداً لإرساء وقف إطلاق نار شامل. ويوم أمس، حذر برنامج الأغذية العالمي، التابع للمنظمة الدولية، من أن نشاط ميناء الحديدة تراجع إلى قرابة النصف خلال أسبوعين فقط، عازياً ذلك إلى إحجام شركات الشحن عن التعامل مع الميناء «بسبب ارتفاع مستويات انعدام الأمن في المدينة». ونبّه الناطق باسم «برنامج الأغذية»، إيرفيه فيروسيل، إلى أن انخفاض شحنات القمح وغيره من الإمدادات سيؤثر في مخزونات الغذاء في اليمن، حيث يواجه 14 مليون شخص خطر المجاعة. وجاءت هذه التحذيرات قبيل زيارة مرتقبة الخميس المقبل لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، إلى اليمن، يُتوقّع أن يزور خلالها ميناء الحديدة برفقة عدد من مسؤولي المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
وعلى رغم المناخ الإيجابي الذي تشيعه تلك المعطيات، والذي تعزّز أمس مع دعوة الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء الحرب، إلا أن سلطات صنعاء لا تزال تشكّك في نية «التحالف» والقوى المحلية الموالية له الانخراط في ترتيبات الحل التفاوضي. ورأت وزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ، أمس، أن «قوى العدوان أثبتت من خلال تصعيدها الأخير عدم جدّيتها في السلام والدخول في المشاورات التي تُعدّ لها الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة»، لافتاً إلى أن «طيران العدوان كثّف من غاراته الجوية على عدد من المحافظات، حيث شنّ 153 غارة خلال الأيام الأربعة الماضية، مستهدفاً الممتلكات العامة والخاصة، ما أسفر عن استشهاد وجرح العشرات من المواطنين».