ساهم العدوان والحصار المفروض من قبل «التحالف» على اليمن في ارتفاع أعداد ومعاناة رجال الأعمال غير القادرين على الوفاء بالتزاماتهم المالية، في السجون. وفي الوقت الذي يقضي فيه المئات من رجال المال والأعمال الذين أفلسوا خلف قضبان السجن المركزي في صنعاء على ذمة حقوق مالية منذ سنوات، تسببت تداعيات الحصار والعدوان بإفلاس العشرات غيرهم من العاملين في قطاع التجزئة والجملة نتيجة تآكل رؤوس أموالهم وانتقال نشاطهم التجاري من دائن إلى مدين خلال الأشهر الماضية.
وتتحدث تقارير النيابة العامة عن وجود أكثر من 1300 سجين معسر في مختلف السجون اليمنية؛ منهم في السجن المركزي في صنعاء 330 سجيناً على ذمة حقوق خاصة للغير منهم قرابة الـ 240 تاجراً و80 معسراً على ذمة ديات ورهانات للغير بحسب البيانات الرسمية التي حصلت عليها «الأخبار». ووفق البيانات، فإن معظم المعسرين قضوا فترات محكوميتهم، إلا أن عدم سداد الحقوق المالية للدائنين التي تباينت مابين الـ 5 آلاف دولار لصغار المدينين إلى قرابة المليون دولار لكبار المدينين حالت دون الإفراج عنهم.
ووفق المصادر، فإن إجمالي كبار السجناء المعسرين بلغوا 145 سجيناً على ذمة 3 مليارات و472 مليوناً و926 ألفاً و260 ريالاً، وتباينت قضايا كبار المعسرين في السجن بين إصدار شيكات بدون رصيد وخيانة أمانة وتزوير واختلاس، وتفاوتت فترات سجنهم من عامين إلى 13 عاماً.
وأفادت مصادر في السجن المركزي في صنعاء بأن السجن استقبل العشرات من التجار المفلسين خلال الفترة الماضية بسبب تداعيات العدوان والحصار على الحركة التجارية والقدرة الشرائية للمواطنين، متوقعاً ارتفاع أعداد السجناء على ذمة حقوق مالية خلال العام الحالي بعد استكمال العشرات من السجناء الفترة القانونية المحددة بسته أشهر في السجون الاحتياطية وإحالتهم رسمياً من النيابات والمحاكم.
وجّه السيد الحوثي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة قضايا المعسرين

المعاناة التي ضاعفها الحصار والعدوان للمعسرين تمثلت في تراجع إقبال المقتدرين عن دفع ما على المعسرين من حقوق للغير والإفراج عنهم، بالإضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية لأسرهم وذويهم، ولا سيما أن الكثير من رجال المال والأعمال، الذين أفلسوا بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع الحركة التجارية نتيجة الأزمات التي شهدتها البلاد، عرضت منازلهم وأصولهم الثابتة للبيع من قبل المحاكم في المزاد العلني لسداد مستحقات الغير ليتحولوا إلى فقراء ومدينين.
وجراء استمرار العدوان والحصار، لم يرصد أي مبلغ مالي العام الفائت للإفراج عن المعسرين في السجون من قبل رئاسة الجمهورية أو النيابة العامة كالمعتاد سنوياً والتي تفرج عن المئات، كما أن القطاع الخاص لم يتبنّ سوى الإفراج عن 35 سجيناً معسراً من سجن صنعاء ومختلف المحافظات العام الماضي.
وفي ظل ارتفاع معاناة المعسرين في السجون اليمنية وعدم تدخل الجهات الحكومية بالإفراج عنهم لعدة أعوام، وجه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي «اللجنة الثورية العليا» باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة قضايا المعسرين ودفع ما عليهم من حقوق للغير. وأفرج الأسبوع الماضي عن 37 سجيناً معسراً من نزلاء السجن الحربي في العاصمة صنعاء على نفقة الدولة، وتم صرف 95 مليون ريال لتسديد ما عليهم من حقوق. ووفقاً لنفس التوجيهات، وجّه رئيس «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي بالإفراج عن 208 من السجناء المعسرين في مناسبة ذكرى «المولد النبوي الشريف». وأكدت التوجيهات أن تتولى الدولة دفع مبلغ 335 مليون ريال وهو المبلغ المستحق على السجناء المعسرين الذين تم التوجيه بالإفراج عنهم وفقاً للمعايير المحددة من قبل اللجنة.
ومن ضمن المعالجات، وجهت «اللجنة الثورية العليا» جميع القضاة وأعضاء النيابات بالنزول إلى المحاكم وبتّ قضايا المعسرين والإفراج عن الذين قضوا مدة سجنهم وبقي عليهم مبالغ مالية خاصة (الحقوق الخاصة) بعد تسديد المبالغ التي عليهم.
كذلك تتجه «اللجنة الثورية العليا» بعد استكمال الإجراءات القانونية ورفع النيابة العامة إليها بمن يستحقون الإفراج نحو إصدار قرار عفو عن السجناء الذين لديهم حقوق مالية للدولة (الحق العام). وتزامنت تلك الخطوة مع تراكم أعداد كبيرة من السجناء في الإصلاحيات التي سبق أن تعرض البعض منها في عدد من المحافظات للاستهداف من قبل طيران العدوان.