من دون أن ينكسر الصمت الرسمي السعودي والإماراتي على تحركات المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، الهادفة إلى إيجاد حلّ للوضع في مدينة الحديدة، واصلت القوات الموالية لتحالف العدوان محاولاتها التي بدأتها أول من أمس لاستعادة خطوط إمدادها الواقعة تحت سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية، وتحصين تقدمها على الشريط الساحلي بالسيطرة على مناطق داخلية في محافظة الحديدة. لكن تلك المحاولات، شأنها شأن ما سبقها في الأسابيع الماضية، باءت بالفشل، في وقت جدّدت فيه القوات المشتركة هجماتها الباليستية على الداخل السعودي.وأعلنت القوات الموالية لتحالف العدوان، أمس، «تحرير أجزاء واسعة من مدينة التحيتا»، بعد «هجوم من عدة محاور على مركز المديرية»، و«معارك ضارية مع عناصر ميليشيا الحوثي الانقلابية». لكن الجيش واللجان أكدا فشل الهجوم الذي استمر لأكثر من 10 ساعات، مترافِقاً مع غطاء جوي كثيف. وأفادت مصادر عسكرية من القوات المشتركة بـ«مصرع 28 عنصراً من الغزاة والمرتزقة، وإصابة 21 آخرين، خلال التصدي لمحاولاتهم التقدم باتجاه مدينة التحيتا». وتحدثت المصادر عن «وصول 3 سيارات مُحمَّلةٍ بالقتلى والجرحى إلى مدينة الخوخة»، مضيفة أن «جرحى آخرين لا يزالون في أرض المعركة». وأشارت إلى أن «مقاتلي الجيش واللجان تمكّنوا من تدمير 10 مدرعات وآليات للغزاة»، جازمة بأن «خطوط إمداد العدو ما زالت مقطعة»، ومعتبرة أن «العدو لجأ الى صناعة انتصارات وهمية في محاولة للتغطية على فشله». وجاء إفشال هذا الهجوم بعد ساعات من التصدي لهجوم مماثل على شمال التحيتا، تكبّد منفِّذوه «خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد».
وكانت تعزيزات عسكرية مما تُسمّى «ألوية العمالقة» المدعومة إماراتياً وصلت، أول من أمس، إلى مديرية التحيتا استعداداً لتنفيذ تلك الهجمات، التي رأت فيها مصادر في «أنصار الله» «رسالة إلى المجتمع الدولي بأن لا نية لإيقاف العدوان والجنوح للسلام»، لافتة إلى أن الاتجاه نحو التصعيد يأتي عقب حديث المبعوث الأممي عن «رسائل إيجابية وبنّاءة» تلقّاها خلال لقاءاته الأخيرة في صنعاء، وهو ما يلقي بظلال سلبية على جهود الرجل الذي يفترض أن يلتقي خلال الأيام المقبلة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي. وانطلاقاً من ذلك، أعربت المصادر عن اعتقادها بأن «تعنت تحالف العدوان يعزز موقف الجيش واللجان في كل الجبهات، ويمنح الشعب اليمني دافعاً أقوى للتصدي»، مؤكدة «جاهزية القوات المشتركة في مختلف الجبهات لتلقين العدو دروساً قاسية».
استهدف صاروخ باليستي المدينة الصناعية في جيزان


جاهزية لا تقتصر على عمليات الدفاع، بل تشمل كذلك الهجوم الذي تجدد أمس على جبهة حيس، حيث نفذ مقاتلو الجيش واللجان غارات على مواقع الميليشيات المدعومة إماراتياً بالقرب من مدينة حيس، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف تلك القوات وتدمير آلية عسكرية تابعة لها. وترافقت المواجهات على الساحل الغربي مع إطلاق صاروخ باليستي قصير المدى على «تجمعات الغزاة والمرتزقة» هناك. ونقلت وكالة «سبأ» التابعة لحكومة الإنقاذ، عن مصدر في القوة الصاروخية للجيش واللجان قوله إن «الصاروخ أصاب هدفه بدقة، مُخلِّفاً خسائر في صفوف الغزاة والمرتزقة». وعلى الجبهة الحدودية، أطلقت القوة الصاروخية صاروخاً باليستياً من طراز «بدر 1» على المدينة الصناعية في منطقة جيزان، بحسب ما أفاد به مصدر عسكري الوكالة نفسها، في حين أعلنت قوات الدفاع الجوي السعودي أنها تمكنت من «اعتراض» الصاروخ.
وتأتي هذه العمليات في وقت لا تزال فيه الغارة التي استهدفت مقر قيادة تحالف العدوان في منطقة البريقة بمدينة عدن (جنوباً)، للمرة الأولى منذ دخول سلاح الجو المسيّر التابع للجيش واللجان ساحة المعركة، تثير جدلاً في الأوساط الموالية لـ«التحالف». ورغم أن المعلومات لا تزال متضارِبةً بشأن ما إذا كان الانفجار الذي سُمع دويّه في المدينة ناجماً عن الغارة، أم عن تصدي قوات الدفاع الجوي لطائرة «قاصف» التي نفذتها، إلا أن العملية نفسها تولّد الكثير من الهواجس على ضفة الرياض وأبو ظبي والقوى الموالية لهما. في هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة في عدن أن «ثمة شعوراً بالخطر بعد وصول الطائرات المسيّرة إلى المدينة»، و«خشية من العمل الجاري على تطويرها إلى مستوى أعلى ممّا بلغته إلى الآن»، لافتة إلى أن الواقعة تعيد إحياء المخاوف من استمرار سيطرة «أنصار الله» على مناطق استراتيجية في جنوب اليمن (كجبل جالس في محافظة لحج) يمكن أن تُستخدم كمنطلق لهجمات الطائرات المسيّرة، خصوصاً أن الأخيرة «لا تستطيع أن تطير لمسافة طويلة». في المقابل، ترى «أنصار الله» في غارة عدن «عملية نوعية متقدمة من شأنها تغيير قواعد اللعبة»، بمعزل عن طبيعة الخسائر التي أدت إليها، معتبرة أن أهم ما في الغارة هو «اعتراف» الطرف المقابِل بها، واستيعابه رسالة مفادها أن «قيادة التحالف ليست في مأمن بعد اليوم».