بعد أشهر من عمليات التدريب المَرعِيّة والمموّلة إماراتياً ما بين محافظتَي عدن ولحج جنوب اليمن، توجّهت قوات الحرس الجمهوري (سابقاً)، «المقاومة الوطنية» حالياً، بقيادة نجل شقيق الرئيس السابق طارق محمد عبد الله صالح، إلى مدينة المخا غرب البلاد، وتموضعت بحسب المعلومات في محور من أصل ثلاثة محاور على جبهة الساحل، على أن تستلم في الأيام المقبلة المحورَين الباقيَين. تحركاتٌ حرصت الوسائل الإعلامية الموالية لـ«التحالف»، خصوصاً الإماراتية منها، على إبرازها وتصديرها، بهدف إيصال رسائل سياسية إلى أكثر من طرف.الرسالة الأولى موجّهة إلى القوى والفصائل السياسية في الجنوب، مفادها انتهاء الحصرية الجنوبية في مجال استخدام القوة البشرية في جبهات القتال، لا سيما بعد تنامي حالة الاعتراض السياسي والاجتماعي في المحافظات المسماة «محررة» على الأجندة الإماراتية، وازدياد غضب اليمنيين الجنوبيين على استغلال أبو ظبي لحاجتهم المادية. والجدير ذكره هنا أن الألوية الجنوبية المتموضعة في جبهة الساحل الغربي، وفي مقدمها ألوية «العمالقة» السلفية المحسوبة على الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، رفضت الانضواء تحت قيادة طارق، وبدأت الانسحاب باتجاه المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب.
إحدى الرسائل مُوجّهة لهادي بضرورة الابتعاد عن حزب «الإصلاح»


الرسالة الثانية مُوجّهة إلى حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون)، المتهم من قبل الإمارات باحتكار «الشرعية» والتحكم بمفاصلها على المستويين السياسي والعسكري، والذي تقبل به الرياض مُكرهةً كونه المكون الوحيد الوازن الموالي لها في الشمال، على رغم حالة العداء السعودية المستحكمة تجاه «الإخوان». هذه الرسالة سرعان ما بادر الحزب في الرد عليها عبر تسييره تظاهرة رافضة لتواجد طارق في مدينة تعز نهاية الأسبوع الماضي، في وقت يُتوقّع فيه أن يفعّل خطواته الاحتجاجية خلال الأيام المقبلة، رفضاً لتعيين أحد أبرز قادة النظام السابق، «المُلوّثة أيديهم بدماء اليمنيين وسرقة ثروتهم»، قائداً للعمليات.
أما الرسالة الثالثة فهي لهادي، بأنه في حال لم يبتعد عن حزب «الإصلاح»، ويوافق على الخطط الإماراتية، فإن «شرعيته» ستتعرض لمزيد من الأخطار. إذ، وبعد إضعافه في الجنوب، يُحتمل استهدافه في الشمال أيضاً لإبقائه رئيساً من دون مخالب، مع الاحتفاظ بوجوده على رأس «الشرعية» لمصلحة استمرار الحرب.
والرسالة الأخيرة مُوجّهة إلى «أنصار الله»، مفادها أن من سيقود جبهة الساحل هو شخص عارف بشؤونهم وأسرارهم في إطار تشكيلات عسكرية هاربة من مناطقهم. في هذا الإطار، يعتقد صاحب القرار الإماراتي أنه بذلك يعوّض عن خسارته في الانقلاب الفاشل الذي قام به الرئيس السابق أواخر العام الماضي، لكن «أنصار الله» ترى أن «خيانة» طارق صالح قديمة قِدَم وجوده في صنعاء، وأنه مذاك كان على تواصل مع أبو ظبي وتنسيق معها، ومع ذلك فهو لم يستطع أن يشكل تهديداً حقيقياً على التماسك الداخلي. أما في شأن قيادته عمليات الساحل الغربي، تقول مصادر «أنصار الله»، فهذه الجبهة كانت ولا تزال مشتعلة، مؤكدة استعداد الحركة للمواجهة في جبهة لن يطرأ عليها جديد عما كانت عليه في السابق، مُشكّكةً في الوقت نفسه في شجاعة طارق الذي كان مسؤولاً عن حماية عمّه ولاذ بالفرار تاركاً إياه لمصيره.