سعّرت المعارك التي شهدتها مدينة عدن جنوبي اليمن منذ يوم الأحد الماضي الانتقادات الموجهة إلى «المجلس الانتقالي الجنوبي» من قبل خصومه، خصوصاً أن المجلس أثبت في أعقاب تلك المعارك صحة الاتهامات الملقاة عليه، عبر ارتضائه بقاء قوات طارق محمد صالح في الجنوب، وإبدائه الاستعداد لدعمها في معارك الشمال. ورأت المكونات السياسية والاجتماعية والقبلية المناوئة لـ«الانتقالي» أن الأخير ينفذ أجندات خارجية لا صلة لها بالقضية الجنوبية، تحت شعارات «مخادعة» هدفها اجتذاب الناس ليس إلا.
النائب الأول لمدير أمن عدن، علي الذيب الكازمي المعروف بـ«أبو مشعل»، شنّ هجوماً لاذعاً على قيادة «الانتقالي»، متهماً إياها بـ«خداع الشهداء وأهاليهم». واعتبر أن «معركة عدن الأخيرة لا شأن للجنوب بها»، وأنها «كانت لمصالح شخصية، وانتهت باتصال هاتفي فيما لا تزال الحكومة في المعاشيق ولا يمكن الاقتراب منها». ووصف ما حدث بـ«المسرحية الهزيلة»، وأولئك «الذين افتعلوا المعركة» بأن «عقولهم جوفاء، (يرفعون) شعارات الجنوب ظاهراً، وباطناً يسرقون ويعبئون الجيوب».
وكان القيادي في الحراك الجنوبي، فادي باعوم، قد وجّه انتقادات حادة إلى «المجلس الانتقالي»، واصفاً مواقفه بـ«المتناقضة». وقال: «هم مع شرعية هادي، ولكنهم ضد حكومته، وسيطردونها فيُطرد بن دغر الحضرمي ويبقى طارق في عدن».

جاء الهجوم على
«الانتقالي» أيضاً من تشكيلات
قبلية ومناطقية
وأضاف: «هم من حرر عدن من الشماليين ثم سلموها للشرعية، ثم حرروا المعسكرات من الشرعية ثم سلموها للسلفيين... وهم ضد وجود أي قوة شمالية في عدن، ولكنهم سيحمون ويدعمون طارق عفاش وحرسه الجمهوري... وهم مع قيام دولة جنوبية ولكنهم سيحررون صنعاء أولاً... وهم أيضاً مع التحالف لإعادة الشرعية ولكنهم يريدون دولة جنوبية». وتابع: «هم يقولون إنها سياسة، ولكنها سياسة الدم والذل والاستجداء والترجي والتضحية بشباب الجنوب لأجل مصالح الأسياد ورضاهم». وكرر باعوم أن ما يجري «صراع أدوات لا غير، وفاقد الشيء لا يعطيه، فلا صوت يعلو فوق صوت مندوب الاحتلال الإماراتي».
وإلى جانب الانتقادات الموجهة من شخصيات عسكرية وسياسية، جاء الهجوم على «الانتقالي» من تشكيلات قبلية ومناطقية، ليعيد إذكاء الصراعات التي أسهمت الإمارات، عبر إنشائها ميليشيات وسلطات محلية مبنية على تلك الأسس، في إحيائها وتغذيتها. إذ أججت سيطرة قوات «الانتقالي»، التي ينتمي معظم أفرادها إلى محافظتي لحج والضالع، على عدن، غضب القوات والقيادات المناوئة لها، التي ينحدر معظمها من محافظة أبين، مسقط رأس الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي.
يضاف إلى ذلك ظهور أصوات قبلية بدأت تطرح تساؤلات عن جدوى خوض حرب لغاية خارجية بأيدٍ جنوبية. وفي هذا الإطار، حمّل «المجلس القبلي لأبناء الحواشب»، رئيس «الانتقالي»، عيدروس الزبيدي، المسؤولية عن مقتل مجموعة من أبناء القبيلة، داعياً القبائل «الحوشبية» كافة إلى «رفع الجاهزية والاستعداد لحماية أبنائها». وجاء في البيان الصادر عن المجلس القبلي: «نحمّل عيدروس الزبيدي وميليشياته كامل المسؤولية عن مقتل أبناء الحواشب، والغدر بهم في مقرات عملهم دون أي وجه حق، وتحت مبررات مرفوضة وواهية لا تعطيه الحق في سفك دماء أبناء الجنوب وأبناء الحواشب». تجدر الإشارة إلى أن قبيلة «الحواشب» كانت تاريخياً حاكمة لإحدى سلطنات جنوب اليمن، قبل أن تنضم إلى «اتحاد الجنوب العربي» في شهر نيسان/ أبريل من عام 1963.