في مثل هذا اليوم قبل عامين، تحوّل حفل زفاف في مدينة المخا إلى مجزرة مروعة، دفعت الرأي العام الدولي إلى رفع الصوت في وجه السعودية للمرة الأولى، بعد ستة أشهر من بدء العدوان الذي تقوده المملكة على اليمن.
حينها، لم تكسر صور أشلاء أكثر من 131 شهيداً من أبناء محافظة تعز جدار التعتيم الإعلامي الذي جعل حرب اليمن منسية، ولم تهز مشاهد الجثث العالقة تحت الركام أو تلك المتناثرة في أزقة مديرية ذباب، القريبة من ميناء المخا، الضمير العالمي، الذي لا يزال حتى اليوم صامتاً على المجازر التي يرتكبها تحالف العدوان في البلد العربي الأشد فقراً. ولكن فقراء المخا، من أطفال ونساء وعجزة، غرسوا في 29 أيلول عام 2015 المسمار الأول في عمق الجدار العازل الذي بدأ يتصدع من على ضفاف البحر الأحمر.
المعلومات المتوافرة عن المجزرة ضئيلة. فاليمن لم يكن، ولا يزال (ولن يكون؟)، في سلم أولويات الإعلام العربي والغربي. بعض المواقع الإخبارية المحلية نقلت صرخات من كان سامعاً وشاهداً على تحليق «طائرات آل سعود» وسقوط غاراتها على قاعة الزفاف في المدينة، التي قبل شهرين، في 24 تموز من ذلك العام، خسرت 65 من أبنائها إثر غارات استهدفت محطة للكهرباء.
«هناك أكوام من اللحم في كل مكان»، يقول سعيد، أحد أبناء المنطقة، موضحاً، وهو يشير إلى كتل سوداء محترقة فوق التراب، «لحم إنسان». لا يوجد أجساد في المشاهد المصورة في أعقاب القصف، فقط أشلاء على الأرض والأشجار، التي، كما وصفها سعيد، تحمل غصونها «جلد محترق، وعظم الفك السفلي لأحد الضحايا، وجمجمة، حتماً تعود لطفل».
كعادته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة حينها، بان كي مون، الغارات، وكعادتها أيضاً، نفت الرياض الاتهامات «الكاذبة»، وأكّدت أن «لا صلة» لتحالف العدوان، الجهة الوحيدة التي تملك سلاح جو، بالمجزرة، لينتهي بذلك التحقيق الذي لم يبدأ أصلاً.
اليوم، بعد عامين من المجزرة، وعامين ونصف عام من سلسلة طويلة من جرائم الإبادة الجماعية، لا تزال الغارات تسقط على رؤوس الأجساد المنهكة أصلاً، في ظل تفشي المجاعة والأمراض، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الصامت والمتخاذل. واليوم، لا تزال السعودية وتحالفها بلا عقاب.
(الأخبار)