من الأرض التي لم تجف بعد من دماء أبنائها، كشفت وزارة حقوق الإنسان في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، أن العدوان والحصار السعودي حصدا أرواح ما لا يقل عن 247 ألف مواطن في البلد المهدد بأسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وأعلنت الوزارة في مؤتمر صحافي عقدته في منطقة عطان، التي حطمت رقماً قياسياً في عدد الغارات التي استهدفتها منذ عام 2015، أن «القصف المباشر لتحالف العدوان الذي تقوده السعودية على البلاد أدّى إلى استشهاد 10 آلاف و373 يمنياً»، مضيفة أن من ضمن هؤلاء «2130 طفلاً و1813 امرأة».
وأضاف وكيل الوزارة علي تسير، أن «تداعيات الحصار، كانعدام الأدوية وانتشار الأوبئة كالحصبة والكوليرا وسوء التغذية وغيرها من الأمراض، تسببت في وفاة 247 ألف مواطن»، مشيراً إلى أن «75 ألف يمني يعانون من مرض يستدعي تلقيهم العلاج في الخارج، مهددون بالموت نتيجة إغلاق مطار صنعاء»، الأمر الذي تسبب حتى الآن في وفاة 10 آلاف مريض. من جهتها، استنكرت وزيرة حقوق الإنسان علياء فيصل عبد اللطيف، الجريمة التي ارتكبها تحالف العدوان في عطان الأسبوع الماضي، والتي ذهب ضحيتها 16 يمنياً، بينهم 8 أطفال، وقالت إنه «لا يوجد أي ثغرة قانونية تجيز للسعودية استهداف منازل المدنيين وإغلاق المطارات ومنع المساعدات الطبية والإغاثية».

وأكّدت أن وزارتها «ترصد انتهاكات التحالف في مختلف المحافظات»، مطالبة مجلس الأمن بالتدخل وتشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق في الانتهاكات وتقديم مرتكبيها للعدالة.
واعتبر القائم بأعمال الممثل المقيم لمنظمة العمل الدولية علي دهاق، أن جرائم التحالف الأسبوع الماضي في حي عطان وأرحب «تأتي ضمن سلسلة من الجرائم التي تنتهك القانون الدولي والإنساني»، مشيراً إلى مسعى الأمم المتحدة لتشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق في هذه الانتهاكات.
وفي هذا السياق، طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ومنظمات حقوقية يمنية ودولية أخرى، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات في حق المدنيين، ولا سيما بعد إعلان الأمم المتحدة «مقتل 42 مدنياً جرّاء غارات للتحالف العربي هذا الأسبوع فقط».
وقالت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، في بيان أمس، إن 56 منظمة غير حكومية محلية ودولية وقّعت على رسالة موجهة إلى ممثلي الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان في هذا الصدد، معتبرة أن «على الدول الأعضاء أن ترتقي إلى مستوى تفويضها وتقوم بإنشاء فريق يبدأ أولاً بالمساءلة». كذلك شددت «هيومن رايتس ووتش» على أن مهمة لجنة التحقيق الدولية يجب أن تقوم على «تقصي حقائق وظروف الانتهاكات، تجميع وحفظ الأدلة وتوضيح المسؤولية عن الخروقات والانتهاكات المزعومة».
وتأتي المطالبات بعدما كشفت الممثلة المقيمة لـ«منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسف) في اليمن ميريتشل ريلانيو، أنه «خلال تموز وآب فقط قُتل 38 طفلاً وأصيب 19 آخرون»، مضيفة في تغريدة على حسابها في موقع «تويتر»، أن «الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى». وفي تصريحات لها مطلع الشهر الحالي، أعلنت ريلانيو مقتل أكثر من 201 طفل يمني منذ بداية عام 2017، من ضمنهم 49 فتاة.
وفي هذا السياق، حذّرت الـ«يونيسف»، أمس، في تقرير نشرته بالتزامن مع فعاليات «أسبوع المياه العالمي»، من تداعيات عدم حصول الأطفال الذين يعيشون في مناطق الصراعات، ومن ضمنها اليمن، على مياه الشرب العادية، مشيرة إلى أنه من ضمن هذه التداعيات وصول نسبة حالات الأطفال المشتبه بإصابتهم بالكوليرا والإسهال المائي الحاد إلى أكثر من 53 في المئة، أي أكثر من نصف مليون حالة. وأوضحت المنظمة أن شبكات إمدادات المياه في اليمن تواجه خطر الانهيار الوشيك بسبب الصراع هناك، فضلاً عن حرمان 15 مليون شخص تقريباً من الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي بشكل منتظم في هذا البلد.
(الأخبار)