يسيطر «القاعدة» على المكلا عاصمة حضرموت والشحر وأغلب مناطق الساحل، وصولاً إلى أطراف الهضبة والوادي. وتتوسع هذه السيطرة يومياً بواسطة تجنيد الشباب بالمئات وإقامة معسكرات عدة للتدريب. أما «حلف قبائل حضرموت»، فهو يسيطر على الهضبة ومناطق النفط والشركات النفطية وفتح معسكرات تدريب وجند المئات.قوات المنطقة العسكرية الأولى بقيادة الجنرال محمود الحليلي المحسوب على الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، تسيطر على وادي حضرموت وتتمركز في مدن سيئون والقطن. وبرزت أخيراً قوات هاشم الأحمر التي سيطرت على منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية ومناطق العبر المتصلة بمحافظة مأرب.

يعتبر «القاعدة» الأكثر قوة وتنظيماً وخطورة والأقرب للسيطرة على حضرموت، في ظلّ حالة الدفاع والجمود من الأطراف الأخرى لما تمتلكه من إمكانات وقدرات. و«القاعدة» هناك يسمي نفسه «أنصار الشريعة» بقيادة خالد باطرفي، وجاء انتشاره في المحافظة ضمن خطة وضعها اللواء الفار، علي محسن، بدعم سعودي وتواطؤ من هادي وإشراف ومتابعة جماعة «الإصلاح» والسلفية، قبل أن يشكلوا مجلساً أهلياً يشمل جميع هذه التشكيلات لإدارة شؤون المكلا والشحر وباقي الساحل وليتحكموا في الميناء.
وقبل دخول «القاعدة» إلى المكلا في 2 نيسان الماضي، جرت عملية تفاوض قام بها العميد السابق لجهاز الأمن في حضرموت، فهمي محروس، (ميوله سلفية) بمعاونة الشيخ السلفي المتشدد صالح شرفي، وكلاهما محسوب على السعودية، ونسّقا عملية خروج الجيش الموالي لهادي الذي كان عديده ثلاثة آلاف ضابط وجندي من دون قتال. مع العلم أن عدد عناصر «القاعدة» الذين دخلوا المكلا لا يتجاوز 200 عنصر.
نهب «القاعدة» 37 مليار ريـال يمني من البنك المركزي، بالإضافة إلى أسلحة متطورة وثقيلة مختلفة من المعسكرات التي سلمت له، وهو يتخذ من القصر الجمهوري مقراً له بصورةٍ علنية. وقد زار الشهر الماضي وفد «المجلس الأهلي» في حضرموت المعيّن من قبل «القاعدة» السعودي، وقابلوا هادي وبعض المسؤولين السعوديين وكان ضمن الوفد العميد فهمي محروس.
غير أن خلافاً وقع الاسبوع الماضي بين صفوف التنظيم، انشق خلاله أحد فصائله بقيادة جلال بلعيد وبايع أبو بكر البغدادي، وباشر على الفور الاستقطاب وإنشاء معسكرات تدريب. ومع أن «القاعدة» يستخدم ميناء المكلا بشكل علني، غير أنه فشل في السيطرة على منابع النفط بسبب سيطرة حلف القبائل عليها.
من جهة ثانية، هناك المدرسة الحضرمية الشافعية الصوفية المعتدلة والداعية إلى التقارب مع بقية المذاهب، وخصوصاً مع المذهب الزيدي. وقد ظهرت بالأيام الأخيرة موجة غضب في المكلا والشحر ضد «القاعدة» و«المجلس الأهلي» بسبب تردي أوضاع الخدمات الكهرباء والمشتقات النفطية، بالإضافة إلى تصرفاتهم تجاه الصوفية، وقد خرجت تظاهرات في المدن التي يسيطر عليها «القاعدة»، رافضة احتلالها للمحافظة.
غير أن اللافت هو أن «القاعدة» لا يستخدم القوة باستمرار، وفي كثير من تصرفاته يستخدم السياسة، وذلك راجع إلى أنه يفتقد الحاضنة الشعبية. كذلك، إن التوجيهات الإقليمية حريصة على إظهاره بلباس مدني يعالج القضايا بطرق سلمية. ولكن في الأيام الماضية بدأ «أنصار الشريعة»، فرع قاعدة اليمن، الخروج عن هذه الضابطة، حين بدأوا بتدمير قباب ألاولياء الصالحين وزيادة متدرجة في تطبيق الشريعة حسب مفهومهم.

(الأخبار)