صنعاء | في خضم الحرب الدائرة على اليمن، يبدو أن المرأة اليمنية تسير على النهج نفسه الذي سبقتها فيه النساء الفلسطينيات، وذلك باستبدال العويل بالزغاريد، والحزن بالفرح، في استقبال أبنائهن الذين قضوا أثناء مشاركتهم في معركة الدفاع عن مدنهم وقراهم في مختلف جبهات القتال المفتوحة.
بعبارة «أهلاً يا ولي الله» تستقبل الأم جثة فلذة كبدها، وهو مشهد بات يتحول إلى ظاهرة، في ظل أن «حفيدة الملكة بلقيس» تمثل اليوم، في أدبيات الحرب، النظير الموضوعي للرجل ولدوره.
ورغم وجود المرأة اليمنية في مجتمع يتّسم بالمحافظة إلى أقصى حدودها، فإنها شاركت الرجل في عدد من القطاعات، بدأتها بدعم الجبهات بالمال وبالذهب، ثم بالمساعدة في إعداد الغذاء والدواء، وليس أخيراً الدور البارز في الجبهة الاجتماعية والطبية.

انسرت
لاقى العرض العسكري النسائي ردود فعل سلبية عدة


على الصعيد العام، شاركت المرأة اليمنية في غالبية الوقفات الاجتحاجية المناهضة للحصار الاقتصادي وجرائم طائرات العدوان بحق المدنيين، وكانت إلى جانب الرجل تتحدى التهديدات بقصف التجمعات، كذلك لعبت دوراً آخر في الجبهتين الإعلامية والثقافية، وذلك من على منابر الإذاعات والفضائيات، وهنّ اليوم صرن يطالبن بحمل السلاح والمشاركة في معارك الدفاع.
لكن، ثمة موانع اجتماعية تحول دون مشاركة المرأة في جبهات القتال، مع أنه صار من المتفق عليه بين عدد من القبائل أنه يمكنها استخدام السلاح في الدفاع عن نفسها ومنزلها من أي معتدٍ.
منذ منتصف العام الماضي، بدأ «القطاع النسوي لأنصار الله» في العاصمة صنعاء تنظيم عروض عسكرية لافتة، حملت فيها النساء السلاح، مبديات استعدادهن للمشاركة في القتال، كما ظهرت نساء يقدن مدرعات عسكرية، وأخريات حملن حتى السلاح المتوسط.
مع ذلك، لاقى العرض الأول ردود فعل لم يكن معظمها إيجابياً، خاصة أن هناك موانع تفرضها عادات وتقاليد القبيلة اليمنية التي ترفض مشاركة المرأة في القتال إلا في حالة واحدة: «عندما يفنى الرجال عن بكرة أبيهم».
جراء هذا، راح بعض المتابعين إلى تصنيف العرض العسكري الذي قادته النساء على أنه رسالة قوية إلى «الرجال المتخلفين عن الالتحاق بالجبهات والمشاركة في القتال»، فيما سعى آخرون إلى توظيف تلك المشاهد التي نشرتها وسائل الإعلام المختلفة، في خدمة أجندة العدوان.
التداعيات السلبية، التي أثارها العرض النسائي الأول، لم توقف استمرار المظاهر المسلحة للمرأة في عدد من الفعاليات، خاصة أن جزءاً كبيراً من نساء اليمن يُجدن حمل السلاخ الخفيف على الأقل واستخدامه.
وتفيد التقارير الصادرة عن «المركز القانوني للحقوق والتنمية» في صنعاء بأن من ضحايا العدوان، الذين فاقوا 11 ألف قتيلاً ونحو عشرين ألف جريح، ثمة قرابة أربعة آلاف امرأة قتلن بغارات شنتها طائرات العدوان منذ أواخر آذار 2015. بعبارة أخرى: إن المرأة اليمنية التي يرفض كثيرون مشاركتها في الدفاع عن النفس، كانت شريكة أساسية في هذه الحرب بكونها تمثل ثلث ضحايا العدوان، ومنهن من قتلن وهنّ في بيوتهن أو الأسواق وأماكن العمل!