رغم الخروقات التي يرتكبها العدوان السعودي ومواصلته القصف على عدد من المحافظات اليمنية، تدخل «الهدنة الإنسانية» يومها الرابع، من دون أن تفشل تماماً، فاتحةً الطريق أمام انفراجات خجولة على صعيد الملف الانساني المتدهور في البلاد. وينعقد غداً «مؤتمر الرياض»، الذي لن يكون يتيماً، بل سيتبعه مؤتمر لاحق لمتابعة القرارات المنتظر اتخاذها، وقد يكون تمديد الهدنة أحدها.
غير أن مؤتمر «الحوار» سيكون من طرفٍ واحد، ذلك أن القوى التي ستحضره هي قوى يمنية من لونٍ واحد، أي تلك الموالية للرياض إلى جانب قيادات منشقة عن حزب «المؤتمر الشعبي العام»، في ظلّ إصرار «أنصار الله» على رفض المؤتمر من أساسه، ما يرجّح فرضية أن يكتفي المؤتمر بتأكيد موقف المملكة الخليجية وفريق هادي وحلفائه من الأزمة اليمنية، فضلاً عن إعادة تحديد دوافع العدوان، الذي تبدو نتائجه السياسية ضبابية حتى الساعة.
تصل السفينة الايرانية
اليوم إلى السواحل اليمنية من دون تفتيش

في هذا الوقت، وفيما أكدت سلطنة عمان أن سفينة المساعدات الإيرانية تصل اليوم قبالة السواحل اليمنية من دون أن يجري تفتيشها، بخلاف الرغبة السعودية، شهد يوم أمس، اتصالات إيرانية ـ دولية متعلقة باليمن، وبملف المساعدات الإنسانية تحديداً. وأجرى مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان وممثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون الشرق الاوسط ميخائيل بوغدانوف، مباحثات هاتفية، انتقدا فيها العقبات التي تضعها السعودية أمام سير إرسال المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وأشار عبد اللهيان إلى انه برغم جهود الأمم المتحدة، فإن السعودية «تنتهك بشدة التزام الهدنة»، داعياً إلى بذل جهود أكبر من قبل الامم المتحدة وجميع البلدان لإرسال المساعدات الانسانية. وانتقد المسؤول الايراني بشدة الممارسات الخاطئة للسعودية، ووصف الوضع الانساني في اليمن بأنه «كارثة القرن الانسانية»، معتبراً إعلان الرياض وقف إطلاق النار أنه «حركة استعراضية بحتة».
بدوره، استعرض بوغدانوف البرنامج الروسي لإيصال المساعدات الى اليمن وانتقد بطء ارسال المعونات الإنسانية، مؤكداً ضرورة المواكبة الجادة للاسرة الدولية لمواجهة الكارثة الانسانية في هذا البلد. كذلك، أجرى عبد اللهيان مباحثات مع المبعوث الدولي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ بخصوص الهدنة.
من جهةٍ أخرى، وعلى خط الدينامية السياسية اليمنية، كشف رئيس الحكومة اليمنية المستقيلة خاد بحاح، عن لقاء جمعه بالرئيس السابق لليمن الجنوبي المنحل، علي سالم البيض. وعبر موقع «فايسبوك»، امتدح بحاح البيض، مؤكداً أنه استعرض معه وجهة النظر بخصوص ما مضى واستشرافهم المستقبل، قائلاً: «اليوم نحن نسعى في إطار عادل للملمة جراح الماضي». وأعلن بحاح أيضاً لقاءه للمرة الأولى بقادة جنوبيين مثل حيدر العطاس وعبد الرحمن الجفري في الرياض، متمنياً أن يلتقي بالرئيس السابق علي ناصر محمد، وهو ما يمكن اعتباره مؤشراً على اتجاه سعودي لـ«لم شمل» هذه الشخصيات في صيغة حكمٍ مقبلة تتطلع الرياض إليها، بمعزلٍ عن إمكانية تحققها فعلياً.
ميدانياً، وفي اليوم الثالث للهدنة، استهدف قصف العدوان مناطق في مديرية باقم في صعدة وأخرى في محافظات تعز والضالع وعدن، في وقتٍ قالت فيه مصادر أمنية إن القبائل اليمنية جددت قصف قذائف هاون عدة باتجاه محافظة نجران.
من جهةٍ أخرى، وصلت الطائرة الاولى من طائرات مواد الإغاثة الست يوم أمس، إلى مطار صنعاء، بحسب إعلان المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة. وظهرت ببطء مؤشرات خجولة لانفراج أزمة الوقود في بعض مدن البلاد حيث أعلنت شركة النفط اليمنية بدء توزيع الوقود على محطات البيع في العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وذمار وتعز.
من جهته، حث منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن، يوهانس فان دير كلاوف، أطراف الصراع على «تخفيف إجراءات التفتيش لسفن الشحن المتوجهة إلى اليمن للسماح بدخول بضائع تجارية وانسانية حيوية إلى البلاد». وقال فان دير كلاو إن الهدف هو إيصال المؤن لنحو 2.5 مليون يمني محرومين المواد الغذائية والوقود والدواء، مضيفاً أنه في الوقت الحالي لا تزال الهدنة المؤقتة صامدة في العموم، «لكن يجب أن أقول إننا نشهد يومياً مناوشات في مناطق معينة ولفترات قصيرة، لكننا نرى أن هناك نشاطاً عسكرياً». ودعا فان دير كلاو جميع أطراف الصراع إلى التقيد بتعهدات المرور الآمن لعمال الإغاثة الإنسانية والإمدادات.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أعلنت يوم أمس، أن عدد الضحايا في اليمن «منذ تصاعد النزاع في البلاد في آذار الماضي»، تجاوز 1700 قتيل و7 آلاف جريح.
وقالت المنظمة، في بيان، إن هذه الإحصائيات تشمل فترة قبل 11 أيار الجاري، لافتةً إلى أنه أكثر من 300 ألف شخص اضطروا إلى النزوح منذ آذار الماضي، فيما يحتاج 8.6 ملايين مواطن يمني إلى خدمات طبية عاجلة. وأضافت المنظمة أنها تمكنت من إرسال دفعة كبيرة من الأدوية والمواد الطبية إلى اليمن، «وذلك بفضل الهدنة الإنسانية» السارية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)