مع اشتداد الأزمة الإنسانية وإعلان تجاوز عدد النازحين اليمنيين عتبة الـ 300 ألف، يفقد العدوان السعودي بشكله الحالي، أي أفق واضح أو رؤية محددة لمستقبل الأزمة في اليمن. ومع غياب أي طرحٍ جدّي لمبادرات حلٍّ سياسي، تبدو الحملة الجوية غارقة في تخبطها يوماً بعد يوم، إذ باتت تكرر العمليات نفسها التي تستهدف البنية التحتية والمرافق الحيوية حيث أدى قصف مطار صنعاء الدولي يوم أمس إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، فيما يواصل الجيش و«اللجان الشعبية» تقدمهم على طريق مأرب، حيث تمكنوا يوم أمس من تأمين خط صنعاء - صرواح حتى مشارف مدينة مأرب.
وفي وقتٍ كان فيه الملف اليمني موضع بحثٍ بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال محادثاتهما حول البرنامج النووي، كان لافتاً اتهام طهران للرياض بـ «التخلف العقلي»، فيما نشط مجدداً الحراك الدبلوماسي الاقليمي على خط الدفع باتجاه إيجاد حلٍّ سياسي، آخره زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان للكويت حيث جدد تأكيده ضرورة العمل من أجل إيجاد حل سياسي من طريق الحوار. وخلال مشاوراته مع أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، أكد أردوغان الأهمية البالغة لإعادة الاستقرار إلى اليمن، معرباً عن دعمه في هذا الإطار للتحالف الذي تقوده السعودية.
أزمة النازحين تتفاقم... وبحاح يبحث في الدوحة عن مخرج

في هذه الأثناء، يواصل رئيس الحكومة المستقيلة، خالد بحاح (الصورة)، حركته الاقليمية بعدما بات واضحاً، منذ تعيينه نائباً للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، أنه سيكون بديلاً منه، ورجل السعودية الأول في المرحلة المقبلة. في هذا السياق، بحث بحاح مع رئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر في الدوحة أمس «الجهود الكفيلة نحو خروج اليمن من أزمته». ومن المقرر أن يلتقي بحاح بأمير قطر تميم بن حمد لبحث الأزمة اليمنية.
من جهتها، أبقت طهران على نبرتها العالية إزاء العدوان السعودي، لكن هذه المرة على لسان الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي اتهم الرياض باستخدام تكتيكات «فترة الحرب الباردة» في اليمن بعد القاء منشورات من الجو تهاجم «المد الفارسي»، معتبراً أن هذا الفعل «تكرار لعقدة الغرب الفاشلة من قبل السعودية ومؤشر على تخلفها العقلي». وتلقي السعودية على المحافظات اليمنية، منذ بدء عدوانها، منشورات موقعة باسم «القيادة المشتركة لقوات عاصفة الحزم»، كُتب فيها أن «الهدف الحقيقي للتحالف هو دعم الشعب اليمني ضد المد الفارسي».
وفي خطوةٍ من شأنها تعزيز ما يثار منذ مدة حول جرّ الأزمة اليمنية إلى صراعٍ داخلي مسلح طويل، بواسطة نقل المعارك من الجنوب إلى المحافظات الشمالية، وردت يوم أمس أنباء عن انشقاق رئيس جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات الداخلية)، اللواء حمود خالد الصوفي، قبل أن يصل إلى ألمانيا في وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري، بحسب مصادر سياسية. ولفتت المصادر إلى أن «الصوفي كان من المقربين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وتولى منصب محافظ تعز (وسط) أثناء فترة تولي الأخير الرئاسة عام 2011». وكانت قيادات من حزب «المؤتمر الشعبي العام» قد غادرت إلى الرياض معلنةً الانشقاق عن حزب صالح، في وقتٍ يعوَّل فيه على هذه القيادات في تحريك ألوية من الجيش لمواجهة «أنصار الله» في صنعاء.
ونفذ طيران العدوان يوم أمس، أكثر من 10 غارات على مطار صنعاء، دمرت مدرجي الإقلاع والهبوط. وقال المتحدث العسكري باسم العدوان، أحمد عسيري، إن قصف المطار جاء «لمنع طائرة ايرانية مدنية من الهبوط في اليمن»، مضيفاً أن قيادة التحالف تواصلت مع قائد الطائرة لكنه رفض الاستجابة لأي تحذيرات بالامتناع عن الهبوط. كذلك، جددت طائرات التحالف القصف على قاعدة «الديلمي» العسكرية شمالي صنعاء، في وقتٍ تواصل القصف على محافظات مأرب (شمالي شرق) والحُديدة (غرب) وتعز (وسط).
في المقابل، ذكرت وكالة «سبأ» أن الجيش و«اللجان الشعبية» تمكنوا من تأمين خط صنعاء - صرواح وحتى مشارف مدينة مأرب وفرض السيطرة الكاملة على المناطق والمواقع التي كانت تتمركز فيها عناصر من تنظيم «القاعدة».
إلى ذلك، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية يوم أمس، أن عدد النازحين اليمنيين زاد إلى أكثر من ضعف التقدير السابق الذي بلغ 150 ألفاً في 17 نيسان الجاري. وأضاف المكتب أن مخزونات الوقود تنفد، ما يؤدي إلى توقف محطات المعالجة التي تمد سكان العاصمة صنعاء بالمياه وكذلك عمليات توزيع الغذاء التي تقوم بها وكالات الإغاثة الانسانية التي وفرت الطعام لنحو نصف مليون شخص في الأسبوعين المنصرمين.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)