برغم أن من يتصدى عادة للاضاءة على المصالح المشتركة بين اسرائيل واطراف اخرى، هم من الخبراء، لكن في ما يتعلق بالسعودية، فإن هذا العرض يستند في صدقيته الى امرين: الاول أنه ينطلق من قراءة الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وتقاطع أولوية كل من الطرفين في هذه المرحلة. والثاني أنه مسبوق بمواقف رسمية اسرائيلية صدرت على لسان بنيامين نتنياهو نفسه، الذي أكد موقفه المؤيد للعدوان السعودي.
مع التأكيد على أن تقاطع المصالح والاولويات بين اسرائيل والسعودية، يتجاوز الساحة اليمنية، ليشمل العديد من القضايا المتصلة بالموقف من المقاومة في فلسطين ولبنان والساحتين السورية والعراقية، لكن موقع "واللا" العبري تناول المصالح المشتركة بين اسرائيل والسعودية في الساحة اليمنية، التي تنبع من أهمية البحر الاحمر وباب المندب بالنسبة إلى الطرفين، وموقف كليهما المعادي لتنظيم "انصار الله". وذهب الموقع الى حد عدم استبعاد أن تلجا اسرائيل الى دراسة خيار التدخل المباشر وتوجيه ضربات لانصار الله في اليمن.
ورأى "واللا" ان ابقاء مضيق باب المندب مفتوحا يمثل مصلحة حيوية لكل من اسرائيل والسعودية. ولفت الى أهميته الخاصة بالنسبة إلى اسرائيل، لكونها تحتاج اليه كمعبر لها باتجاه اسيا إذا تدهورت علاقاتها التجارية مع اوروبا بفعل الخلافات حول القضية الفلسطينية. واضاف الموقع أنه "يمكن للسعودية واسرائيل الاستغناء عن المضيق عبر الالتفاف على كل افريقيا"، مشيرا الى أن هذا الخيار يحتاج الى وقت اطول وكلفة اكبر.
وتوقف الموقع عند اهمية قناة السويس بالنسبة إلى الطرفين ايضا، مشيرا الى أن "اسرائيل موجودة في محيط عربي، وهي كانت دائما حساسة جدا لممراتها البحرية، لكونها تحتاج اليها في علاقاتها مع كافة انحاء العالم. واستحضر ايضا عملية اغلاق مضائق تيران، التي تمثل معبر اسرائيل الى البحر الاحمر، من قبل مصر في عامي 1955 و 1967، وهو ما مثّل أحد الاسباب التي قادت الى الحرب في حينه".
واوضح الموقع أن "السعودية تطمح الى حليف لمواصلة جهودها العسكرية في اليمن، ولو على نحو غير علني". وارجع ذلك الى عدة اسباب، من بينها "وقف عمليات تهريب السلاح من ايران الى الحوثيين في اليمن". ولفت الى انه في الوقت الذي تقف فيه اسرائيل خارج هذا النزاع، الا انه "يمكنها أن تدرس شن هجمات في اليمن، ضد الحوثيين، على نحو موضعي". ورأى أن "الطريق الاكثر امانا لتنفيذ ذلك، عبر القصف الجوي"، لكن الموقع رأى أن "هذا الخيار يصبح ضروريا لاسرائيل إذا حوَّلت ايران اليمن الى مخزن لترسانة اسلحة، كمحطة في طريق نقل هذه الاسلحة الى حزب الله في لبنان أو المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة". واضاف ايضا ان هذا الامر يصبح "أكثر ضرورية بالنسبة إلى اسرائيل إذا نصبت ايران صواريخ ارض بحر، قرب باب المندب"، مشيرا الى أن "سلاح الجو السعودي قد لا ينجح، وفي محالات معينة قد لا يكون معنيا بازالة هذا التهديد، اذا ما كانت وجهة تهديد الصواريخ مقتصرة على السفن الاسرائيلية".
ذلك، لفت موقع واللا، الى أن "لسلاح الجو الاسرائيلي مهمة مشابهة، إذا كان مطلوبا استهداف وتدمير صواريخ ارض – بحر موجودة بحوزة حزب الله، التي تعرض للخطر السفن والمنشآت الاسرائيلي في البحر الابيض المتوسط، مثل منصات الغاز".
وعبّر الموقع عن "اطمئنان اسرائيل من انكشاف طائراتها إذا قررت مهاجمة أهداف في اليمن، من قبل الرادارات السعودية والمصرية، وخاصة أنه ليس لدى اليمن دفاع جوي جدي يهدد الطائرات الاسرائيلية"، لكنه اضاف أنه "في حال تعرض إحدى الطائرات الاسرائيلية لخلل تقني ما ستكون اسرائيل مضطرة الى القيام بانقاذ الطاقم عبر عملية انزال ضروري. ويمكن لاسرائيل أن تتوقع تسامحا نسبيا من قبل السعودية ازاء عملية انقاذ الطائرة أو طاقمها".
وختم الموقع مقالته بأنه "بالرغم من الخلافات السائدة بين الطرفين الاسرائيلي والسعودي ازاء القضية الفلسطينية، لكن للطرفين مصالح مشتركة، مثل المحافظة على ابقاء عملية الابحار مفتوحة، ويمكن لكل منهما العمل على نحو منفرد، أو التعاون مع بعضهم بعضا ولو على نحو سري".
في سياق متصل، ذكر المعلق الامني في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، أن "شركات اسرائيلية ورجال اعمال يعملون في مجال المشورة الامنية وتصدير التكنولوجيا المتطورة، يحاولون في الفترة الاخيرة عقد صفقات مع جهات في دول الخليج". واشار ايضا الى أن "الطرف الاسرائيلي الاكثر شهرة في ابو ظبي، هو رجل الاعمال ماتي كوخابي، الذي قلص اعماله".
ولفت ميلمان الى أنه "استنادا لمعلومات سابقة، قام كوخابي في العقد الاخير بعقد صفقات قيمتها مئات الملايين الدولارات، وتركزت صفقاته على التزود بالتكنولوجيا ومعدات تتصل بالدفاع عن الوطن لحماية مواقع الغاز والنفط ومراقبة حدود ابو ظبي".
واضاف ميلمان أنه "اشتغل في هذه الصفقات مسؤولون سابقون من الموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية، وجهات امنية اخرى"، مشيرا الى ان "احد المديرين المهمين في شركته، رئيس الاستخبارات العسكرية الاسبق، اللواء عاموس مالكا، وبعض رجال كوخابي، انتقلوا جوا واسبوعيا من تل ابيب الى ابو ظبي، وبموافقة وزارة الامن الاسرائيلية".
وتابع الحديث عن الفاعلين الاساسيين في الصفقات الاسرائيلية، الذين يحاولون الدخول الى سوق الامارات، وهم ديفيد ميدان، الذي ترأس عدة اقسام في "الموساد"، وكان مبعوث نتنياهو في قضية الاسرى والمفقودين، وعمل على صفقة غلعاد شاليط. وايضا آفي ليئومي الذي كان المؤسس وصاحب الاسهم ومدير شركات الطائرات بدون الطيار، وتصنيع اجهزة دفاعية ومقرها في مستوطنة يفنه.