الدوحة | جميلٌ أن تكون حاضراً في كأس العالم لكرة القدم. أن تكون شاهداً على كتابة تاريخ جديد. جميل أن تحضر إحدى المباريات، والأجمل أن تكون واحداً من 88.966 متفرجاً تابعوا نهائي كأس العالم في ملعب لوسيل بقطر. أن تكون واحداً من آلاف يشاهدون لاعباً يكتب السطر الأخير من كتاب أسطوريته. من تتويج نفسه على عرش كرة القدم من بدايتها وحتى نهايتها. جميل أن تكون حاضراً على مشاهدة جمهور حقيقي وشغوف، يتغلّب على جمهور يعتبر نفسه ومنتخباته أفضل من غيرهم. على جمهور يأتي من بلاد تعاني ما تعانيه اقتصادياً ليفرض نفسه النجم الأول لمونديال قطر، ويتفوّق على جماهير دول غنية وعريقة في كرة القدم.جميلٌ أن تشاهد حقيقة أميركا الجنوبية وبساطتها، تتفوّق على غطرسة أوروبا وتعاليها، فتحرز اللقب من أمام منتخباتها العريقة والتي تعتبر نفسها "أمّ" اللعبة و"أباها".
جميلٌ أن تكون حاضراً في حدثٍ ينجح فيه منتخبٌ عربي في توحيد أمّة خلف "زئيره" فتصبح جميع الجماهير العربية مغربية الهوى والانتماء، تعيش حلم تألّق منتخب عربي يتفوّق على منتخبات أوروبيّة لها وزنها الكروي، فيقصيها منتخباً بعد آخر.
جميلٌ أن تكون شاهداً على خطف قضية للأنظار، فتحضر مع علم بلادها في مدرجات العرب والأوروبيين، وتكون حاضرة في كل احتفال ومقابلة. قضية يتحدث عنها الأوروبي والأميركي الجنوبي والأفريقي كما يتحدث بها العربي، فيرفعون علمها ويردّدون الشعار كلما سنحت الفرص: فلسطين حرّة.
جميلٌ أن تشاهد كيف أن "الدخيل والطفيلي والمارق" يحاولون التسلل إلى التجمّع الأكبر على صعيد كرة القدم، مستغلّين الروح الرياضية، ليروّجوا لتطبيع من نوع ما، فتراهم منبوذين غير مرحّب بهم. يحضرون في أول المونديال وبعد ذلك ترى حضورهم يتراجع شيئاً بعد شيء حتى يصبح منسياً. أليس هذا ما حصل مع الإعلام الصهيوني في المونديال؟ هل عاد أحد وذكر الصهاينة أو رآهم في القسم الأخير من المونديال؟
جميلٌ أن تكون حاضراً في بلد صغير بمساحته وعدد سكانه، فتراه يكبر ويكبر ليصبح بحجم العالم كله، فيحتضن شعوب هذا العالم وينظّم مونديالاً قد لا يتكرر في المستقبل.
جميلٌ أن ترى هذا البلد يتفوّق على نفسه وعلى جميع من شكّك في قدراته على تنظيم بطولة كأس العالم واحتضان 32 منتخباً مع جماهيرها وجماهير من يعشقون كرة القدم، فتكون تجربة الجميع رائعة ولا يمكن نسيانها.
تجربة تجعلك تذهب مرتين إلى الدوحة كي تكون جزءاً من هذا الحدث رغم الكلفة المادية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة انطلاقاً من فكرة أنها تجربة تعيشها مرة واحدة في العمر.
جميلٌ أن تشاهد هذا البلد الصغير يصبح رقماً كبيراً على صعيد التنظيم واستضافة الأحداث الرياضية الكبيرة، فتكون نهاية كأس العالم بداية لمرحلة تفوّق جديدة على صعيد تنظيم البطولات القارية ككأس آسيا دون 23 عاماً وكأس آسيا للرجال العام المقبل. نهاية المونديال بداية للتفكير في تنظيم حدث أثبتت قطر قدرتها على استضافته وهو: الأولمبياد.
جميلٌ أن تكون حاضراً لتشاهد انقلاب السحر على الساحر. لتشاهد عقدة التفوّق الأوروبي تنهار وأن الكذب وتشويه الصورة وقلب الحقائق لا بد وأن تنكشف في النهاية، وأن كذب الأوروبيين وتحديداً الألمان والإنكليز على شعوبهم والترويج لمغالطات حول قدرة بلد عربي على تنظيم المونديال يتحوّلان إلى إدانة لتلك الجهات من قبل شعوبها، ولوم على تضييع فرصة معايشة هكذا تجربة ناجحة.
جميلٌ أن تعمل في مؤسسة إعلامية تدعمك مادياً ومعنوياً وتفتح لك المجال أن تكون جزءاً من هذه التجربة الرائعة، مستفيداً من نجاح المسؤولين الكرويين المحليين في الاتحاد اللبناني لكرة القدم في رفع حصة لبنان إلى سبع بطاقات إعلامية فتحت لك المجال أن تكون واحداً منهم.
جميلٌ أن تكون حاضراً لتشاهد العمل الإعلامي الرياضي في أعلى درجات احترافيّته لتستفيد من خبرات الآخرين وتجاربهم وتحاول أن تنقلها إلى بلدك.
هي تجربة ستبقى محفورة في ذاكرة كل شخص عايشها. تجربة فيها من المشاهدات والتجارب والخبرات والذكريات ما لا يمكن نسيانه. هي تجربة يتحدث عنها كل من عايشها بفخر أنه كان جزءاً من حدث استثنائي في بلد استثنائي وشاهد مونديالاً ومباراة نهائية استثنائية.