هي المرّة الأولى التي يُقام فيها المونديال في بلد عربي... وقد تكون الأخيرة. ليست الأخيرة فقط في بلد عربي بل حتى في بلد واحد. فمع ارتفاع عدد المنتخبات التي ستشارك في كأس العالم إلى 48 منتخباً بدءاً من عام 2026 في المكسيك وأميركا وكندا، سيكون من الصعب على بلد واحد استضافة مونديال بهذا الحجم دون أن يكون ذلك مستحيلاً. صحيح أن بعض الدول الكبيرة قادرة على استضافة 48 منتخباً لوحدها، لكن بعض المؤشرات من تصاريح مسؤولين في الفيفا تشير إلى صعوبة هذا الموضوع مستقبلاً. على الصعيد العربي وإقامة مونديال على مسافة قريبة من لبنان قد يكون الأمر بعيداً جداً. إذاً هي الفرصة الأخيرة لكثير من اللبنانيين أن يكونوا حاضرين في كأس العالم وتحديداً في النهائي الذي سيُقام يوم الأحد المقبل عند الساعة 17:00.
كثيرٌ من اللبنانيين يحلمون بحضور نهائي كأس العالم في قطر (الدوحة-طلال سلمان)

منذ انتهاء الدور ربع النهائي تزايد الحديث في الشارع اللبناني عن رغبة كثيرين من اللبنانيين السفر إلى قطر لمتابعة الدور نصف النهائي والمباراة النهائية. لا شك أن تأهّل المغرب لعب دوراً، وكذلك الأمر للأرجنتين ونجمها ليونيل ميسي وفرنسا ونجمها كيليان مبابي.
أقيم الدور نصف النهائي وتأهّل الأرجنتين وفرنسا. ارتفع منسوب «الحمّى» عند اللبنانيين للسفر إلى قطر لحضور القمة.
حين يفكر أي لبناني في التوجه إلى الدوحة لحضور المباراة النهائية سيكون عليه على أقل تقدير التفكير في ثلاثة أمور أساسية: بطاقة السفر، بطاقة الدخول والمنامة. كل أمرٍ معضلة بحد ذاته وإن كان بنسب متفاوتة. على صعيد بطاقات السفر تنحصر المشكلة في أمرين: عدم وجود أماكن للعودة بعكس أماكن الذهاب، وسبب ذلك أن جميع من هم في قطر لأسباب تتعلّق بالمونديال وموجودون هناك منذ بدايته يكونون قد حجزوا موعد عودتهم مسبقاً. هذا ما يصعب من مهمة إيجاد أماكن في الطائرات العائدة إلى بيروت في 19 و20 و21 كانون الأول الجاري. الأمر الثاني ارتفاع سعر بطاقة السفر إلى قطر بنسبة 65 في المئة، حيث إن ثمن بطاقة السفر إلى الدوحة في الأيام العادية هو حوالى 450 دولاراً. أما اليوم فإن أقل سعر لبطاقة السفر ذهاباً وإياباً حوالى الـ 700 دولار. ويشير صاحب شركة جعيتاني للسياحة والسفر بدوي جعيتاني لـ«الأخبار» بأن المشكلة هي في بطاقة العودة وأن ارتفاع سعر البطاقة سببه صعوبة إيجاد أماكن للعودة في الأيام الثلاثة التي تلي يوم النهائي.
ارتفعت أسعار بطاقات السفر إلى الدوحة بنسبة 65%

«على صعيد الذهاب ليس هناك مشكلة، فالأماكن متوفرة بعكس العودة. لكن رغم ذلك فالأمور ليست مقفلة بالكامل. فأنا اليوم حجزت بطاقة سفر لراكب على خطوط طيران الشرق الأوسط وتم وضعه على لائحة الانتظار في ما يتعلّق بالعودة. وتمت الموافقة من قبل الميدل إيست في اليوم عينه واشترى البطاقة بـ685 دولاراً» يضيف جعيتاني لـ«الأخبار».
إذاً النقطة الأولى في مشروع السفر لمتابعة المباراة النهائية أصبحت واضحة وبالإمكان تخطي عقباتها إذا كان الشخص يملك المال ومستعد لدفع مبلغ يقرب من الـ700 دولار.

سوق سوداء
المشكلة الثانية والتي هي «أم المشكلات» تتعلق ببطاقة الدخول إلى الملعب. هنا ستكون الحال أشبه بـ«Mission Impossible» أو مهمة على درجة عالية من الصعوبة. جميع بطاقات النهائي وفي مختلف الدرجات مباعة منذ فترة طويلة، وهنا سيكون أمام أي راغب بالحصول على بطاقة دخول طريقان. الأول عن طريق «المعارف» أو الأصدقاء من يملكون بطاقة ولا يريدونها وهذا احتمال ضئيل.
الطريق الثاني السوق السوداء التي هي في أعلى درجات نشاطها هذه الفترة رغم كل مساعي الفيفا للحد من هذه الآفة. وتشير المعلومات إلى أن سعر بطاقة المباراة يبدأ من 3500-4000 دولار و«طلوع» في الفئتين الثالثة والرابعة، إلا في حال توفرت «لقطات» (السعر اللقطة لا يقل عن 2700 دولار). ومن الممكن الحصول على بطاقة فئة أولى بهذا السعر لكن في حال كان هناك شخص يرغب في بيع بطاقته، وليس من قبل أشخاص يتاجرون بالبطاقات. هذه الأسعار هي بهذا المعدل بعد عدم تأهّل المغرب إلى النهائي. لكن لو كان «أسود الأطلس» قد تأهّلوا فإن الأسعار كانت ستتضاعف في ظل وجود عدد كبير من المغاربة في قطر من وافدين ومقيمين.

متابعة المباراة من دخول الملعب له نكهة خاصة مختلفة (الدوحة-طلال سلمان)

المشكلة الثالثة وهي الإقامة تبقى الأسهل أمام «مصيبة» الحصول على بطاقة الدخول، حيث أن العديد من أماكن الإقامة أصبحت شاغرة بعد سفر قسم كبير من جماهير المنتخبات، لكن هذا لا يعني أن «المنامة ستكون بتراب المصاري». فإن أقل سرير في الدوحة تبلغ أجرته 100 لليلة. لكن في ظل الأرقام المطروحة على صعيد بطاقات السفر والدخول يصبح الأمر قريب من المثل الشائع «اللي شرب البحر ما بيغص بالساقية». وطبعاً لا يمكن إغفال تكاليف الأكل والشرب خلال فترة التواجد في الدوحة، لكنها تبقى معقولة نسبة إلى التكاليف الأخرى.
هو حق مشروع لكل لبناني محب لكرة القدم أن يحلم ويسعى إلى حضور المباراة النهائية لكأس العالم. لكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وكما كانت الحال في بداية المونديال على صعيد متابعة المباريات على التلفزيون تحت مقولة «لمن استطاع إليه سبيلا»، فإن السفر إلى الدوحة مشاهدة المباراة النهائية في ملعب لوسيل أيضاً أمر «لمن استطاع....».