كان المنتخب الألماني بحاجةٍ إلى الفوز في مباراته الأخيرة أمام مقدونيا الشمالية كي يتأهل، على أن تتجنب أرمينيا الخسارة أمام منتخب رومانيا. دكّت ألمانيا شباك المنتخب المقدوني برباعيةٍ نظيفة بينما لم تستطِع أرمينيا إنجاز المهمة في رومانيا، حيث خسرت (1-0)، لتصبح بذلك ألمانيا أول دولة تتأهل إلى كأس العالم عن طريق التصفيات. المانشافت مع فليك مختلف تماماً عما كان عليه الأمر برفقة المدرب السابق يواكيم لوف، الأمر الذي رفع من سقف التطلعات بالنسبة إلى الجماهير الألمانية. قبل ستة أشهر فقط، خسر المنتخب الألماني على أرضه بنتيجة (2-1) أمام مقدونيا الشمالية. نتيجةٌ صادمة اعتبرها العديد من النقاد دليلاً جديداً على الأزمة التي تعاني منها كرة القدم الألمانية، خاصةً بعد الخروج «المذل» من دور المجموعات في كأس العالم 2018.كان لوف قد أعلن في ذلك الوقت (2018) بأنه سيترك مهمة تدريب المنتخب بعد بطولة «اليورو» التي خرج منها على يد إنكلترا في دور الـ16، منهياً بذلك ولاية استمرت لـ15 عاماً. قاد فليك بعدها زمام الأمور لتتغير المعادلة رأساً على عقب. خمسة انتصارات من خمس مباريات في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، حافظ الفريق خلالها على شباكٍ نظيفة في أربع مناسبات، أعادت إلى المناصرين شيئاً من الصورة النمطية التي اشتهر بها المانشافت.
يعتبر فليك من أبرز المدربين على الساحة الخضراء، وقد وضع نفسه خلال فترةٍ بسيطة بين مدربي النخبة بفعل سلسلة الألقاب التي حققها برفقة بايرن ميونخ، خاصةً بعد تتويجه في بطولتي الدوري الألماني ودوري أبطال أوروبا خلال 18 شهراً.
يتواصل مدرب المنتخب هانسي فليك مع مدربي الأندية التي ينشط فيها اللاعبون الألمان لأخذ بعض الملاحظات


ألمانيا - فليك مشابهة لألمانيا - لوف من حيث العناصر المتاحة، لكن التغيير يكمن في أسلوب التدريب. زاد المدرب الجديد من قدرة المنتخب على الحفاظ على الضغط العالي، متبعاً نفس النهج التكتيكي الذي اعتمده برفقة الفريق البافاري. توازن بين الهجوم والدفاع مثّل عنصراً نموذجياً في هوية المنتخب، وقد سهّل الأمر وجود العديد من لاعبي بايرن ميونيخ الذين درّبهم فليك فيما سبق، في منظومة «المانشافت» الحالية.
تمتلك ألمانيا مزيجاً من لاعبي الخبرة والشباب، ينتظمون ضمن تشكيل (4-2-3-1). لاعبون مثل توماس مولر وماركو رويس أكسبوا المنظومة الشابة عنصر الخبرة، الأمر الذي ساهم تباعاً في تألق العديد من المواهب مثل كاي هافرتز، جمال موسيالا، فلوريان فيرتس... كما استرجع العديد من لاعبي المنتخب مستواهم المعهود تحت قيادة فليك، على رأسهم المهاجم تيمو فيرنير الذي وجد طريقه إلى الشباك أخيراً.
بعيداً عن التميز التكتيكي والتحفيز الشخصي للاعبين، كان لافة استفادة فليك من بعض المدربين للنهوض بالمانشافت مجدداً. لا يخفى على أحد تواصل مدرب المنتخب الألماني مع مدربين آخرين بشكلٍ دوري، منهم مدرب مانشستر سيتي بيب غوارديولا، ماوريسيو بوكيتينو مدرب باريس سان جيرمان، مدرب تشيلسي توماس توخيل... نظراً لإشراف هؤلاء المدربين على اللاعبين الألمان الموجودين خارج «البوندسليغا»، كما شجع فليك مدربي الفرق الألمانية على طرح أفكار تكتيكية للمنتخب الوطني، برز منها استشارة مدرب بايرن ميونخ جوليان ناغلسمان قبل نقل اللاعب ليروي ساني من مركز الجناح الأيمن إلى الأيسر.
لا يزال من المبكر الحكم على ألمانيا - فليك، لكن ما هو أكيد أنّ المنتخب يسير على الطريق الصحيح. سيخوض أبطال العالم أربع مرات ظهورهم الثامن عشر على التوالي والعشرين بالمجمل في نهائيات كأس العالم، فهل يعانقون الذهب؟