عندما تنفد كل الحجج التي تبرر الخسارة، تتوجه الفرق إلى التصويب على التحكيم، هذا ما لا يفعله الأرجنتينيون. وقد لا يكون لديهم إمكانية فعل ذلك في المباراة الحاسمة أمام نيجيريا، وخصوصاً أن حكم المباراة سيكون واحداً من الأفضل في العالم. لقد عيّن الحكم التركي جونيت تشاكير لإدارة المباراة. ملعب «كريستوفسكي» قد يكون شاهداً على أمرين: إما تأهل نيجيريا التي انتصرت على آيسلندا في الجولة الثانية وخروج سيبقى محفوراً في ذاكرة أبناء بوينس آيرس، أو تأهل منتخب الأرجنتين الذي سقط أمام كرواتيا ليصبح في موقف محرج بعد تعادل وخسارة، حيث يقبع في المركز الأخير (قبل المباراة). تأهل سيقول فيه الأرجنتينيون: «كلما ازدادت الضغوط أصبحنا أكثر إرادة على المضيّ قدماً». في الجهة المقابلة، ستكون آيسلندا عازمة على الفوز على كرواتيا من أجل التأهل إلى دور ثمن النهائي منذ المشاركة الأولى، كما فعلتها في بطولة أمم أوروبا فرنسا 2016.يعلم خورخي سامباولي أن مباراة نيجيريا «معركة» حياة أو موت. الخروج من دور المجموعات قد يعرّض حياة المدرب للخطر. «الأسطورة» مارادونا حذّره من ردة فعل الأرجنتينيين الذين لا يرغبون في خروج محبط من دور المجموعات، في جيل من اللاعبين قد لا يتكرر، في ظل وجود ميسي. ظهر سامباولي في مباراة كرواتيا عاجزاً عن إيجاد الحلول، وخصوصاً بعد تلقيه الهدف الأول. ولا يشكك اثنان بأن الأرجنتين قدمت أداءً باهتاً. فيما يجمع أغلب النقاد، الأرجنتينيون منهم على وجه الخصوص على ضرورة وجود ديبالا وهيغواين. المشاكل التي كانت ظاهرة في المباراة الأولى، في ما يخص وسط ميدان المنتخب الأرجنتيني، وغياب صلة الوصل بين خط الدفاع والهجوم، استمرت في المباراة الثانية. أمام كرواتيا، توجب عودة ميسي إلى الخلف لتسلّم الكرة، وكان هذا سبباً في فشل «التانغو» في التسجيل بانتصار يضمن نقاط ثلاث، إنما أصبح في موقف صعب.
وبعيداً عن سامباولي، الذي يجب عليه إجراء التعديلات في التشكيلة، إذا أراد الفوز على نيجيريا بأكثر من هدف، فإن ميسي ورفاقه سيدخلون وهم يضعون نصب أعينهم الانتصار ولا شيء غير ذلك. لعبت الأرجنتين في المباراة الماضية بتشكيلة 3ــ4ــ3 بغية التفوق في وسط الملعب، لكن هذا الأمر لم يحدث. يمكن القول إن وسط ميدان كرواتيا من الأفضل في العالم، أمام نيجيريا قد تنجح الخطة نفسها لأن الخصم أضعف بكثير في وسط الميدان، لكن مع تغيير بعض الأسماء الأرجنتينية. المنتخب النيجيري يعرف استغلال المساحات والأجنحة، ولاعبوه يمتازون بالسرعة. يعتمد منتخب «النسور» على العامل البدني. لكن إمكانية تعويض هذا الفارق ممكنة من قبل الأرجنتين بالاعتماد على «الفرديات»، التي تغيب عن المنتخب منذ المباراة الأولى. والسبب هو غياب المساحات للاعبيه لفعل ذلك. لكن نيجيريا لا تعتمد على أسلوب الخصمين السابقين، إنما تلعب بتحرر أكثر، وتبحث عن المساحات لا الاعتماد على الدفاع. يحتاج المنتخب الأرجنتيني إلى تنظيم صفوفه لأن الالتزام التكتيكي يغيب عن عناصر المنتخب. اللافت، أن المدرب الألماني لمنتخب نيجيريا غرنو رهور فشل في الأمر ذاته، خلال المباراة الأولى أمام كرواتيا، لكنه استطاع تعديل الأمور وضبط لاعبيه في المباراة الثانية أمام آيسلندا.
يعلم «النسور» أن المباراة لن تكون بمتناول اليد لأن الحافز الأرجنتيني ارتفع


بالدرجة الأولى، غياب لاعب الارتكاز هو المشكلة التي لم ينجح المنتخب الأرجنتيني في حلها بالمباراتين السابقتين. بمعنى آخر، ليس هناك من يستطيع الخروج بالكرة من خط الوسط إلى الأمام. وهذا كان أحد أبرز الأسباب التي أجبرت اللاعبين على التمرير على نحو متواصل إلى كاباييرو حارس المرمى حتى بعد الخطأ الذي ارتكبه، وسجّل على أثره ريبيتش هدف المباراة الأول. خط الدفاع الأرجنتيني في المباراة الأخيرة كان سيئاً. تفوق الكروات في المواجهات الثنائية، وهذا الأمر قد يعد نقطةً مفصلية في مواجهة المنتخب النيجيري لأنه يملك أحمد موسى وإيناتشو اللذان يملكان قدرات فنية عالية لجهة المراوغة. وفي ما يخص ميسي، ورغم سيل الانتقادات، فلا يمكن إلقاء اللوم عليه. هناك رأيان ينقسمان في هذا الخصوص. الأول، يقول إن على ميسي فعل أكثر من ذلك، وهو يحرم زملاءه من الكرة. هذا الرأي قد لا يكون صائباً، فـ«البولغا» لم يلمس الكرة إلى تلك الدرجة التي تشعر المراقب بأن الفريق يدور حوله. أما الرأي الآخر، فيقول إن يداً واحدة لا يمكنها أن تنجز كل شيء. وفي حال كان ميسي خارج المباراة ذهنياً وبدنياً، لا بد للفريق من أن «يخترع» حلولاً أخرى، قد تكون على دكة البدلاء أو حتى داخل الملعب، إضافةً إلى أن وجود ميسي في الملعب يمنح مساحة لعناصر الفريق للتحرك بحرية أكثر، لأن معظم الخصوم يعملون في الدرجة الأولى على إيقافه والتركيز عليه.
في سياق متصل، فإن المنتخب النجيري يملك الحظوظ في التأهل أيضاً، ويجب أن لا ننسى ذلك. سيكون الأمر بمثابة الدافع الرئيسي للانتصار على الأرجنتين، والمنتخب الأفريقي قادر على الفوز. ويعلم «النسور» أن المباراة لن تكون بمتناول اليد، لأن الحافز الأرجنتيني ارتفع، والجماهير «مصرة» على الحلم بلقب لم تحققه منذ ثلاثين عاماً. الأرجنتين جائعة، وإن كان «التانغو» لم يقدم بعد ما يشفع له في البطولة. ستمثل هذه المباراة الفرصة الأخيرة لعناصره لإنقاذ أسمائهم من «مقصلة» الصحافة الأرجنتينية. بيد أن الفوز سيهدي المنتخب النيجيري تأهلاً مباشراً، أما التعادل فسيكون مرتبطاً في نتيجة المباراة الأخرى بين كرواتيا وآيسلندا، وسيلعب فارق الأهداف دوراً في تحديد هوية من سيحضر في ثمن النهائي. ونجحت نيجيريا في تحقيق فوزين على الأرجنتين في تاريخ مواجهتهما، وكانتا في مباراتين وديتين، الأولى 4ــ1 في 2011، والثانية في أخر مواجهة جمعتهما في 2017 انتهت بالفوز بأربعة أهداف لهدفين.
أما في «روستوف أرينا»، فلم يعد مصير الآيسلندنيين بأيديهم وحدهم، حتى في حال انتصارهم. يجب عليهم انتظار نتيجة الأرجنتين ونيجيريا، لأن انتصار الأرجنتين بنتيجة كبيرة قد يضعه خارج البطولة. وقد يحدث ذلك أيضاً في حال تعادلهما في النقاط وتفوق الأرجنتين في فارق الأهداف. تخلي المنتخب الآيسلندي عن الدفاع في المباراة السابقة أظهر بأنه لا يملك الحلول الهجومية، أما الخصم كرواتيا فهو واحد من المرشحين للذهاب بعيداً في البطولة ويمكنه التفوق على أي فريق. وقد يتعجب البعض من كون جميع اللقاءات رسميةً بينهما ولا توجد أي مباريات ودية. كما أن هذا اللقاء يعد مواجهة خاصة بين المنتخبين بعدما تأهلت آيسلندا مباشرة للمونديال في التصفيات على حساب كرواتيا. «الثأر» سيكون شعار كرواتيا رغم التأهل، ويسعى أبناء «يوغوسلافيا» سابقاً إلى التأكيد أنهم كانوا الأجدر في التأهل المباشر للعرس العالمي من التصفيات الأوروبية، كما أن فوزهم يجعلهم يحصدون العلامة الكاملة 9 نقاط. ذلك رغم أن المدرب الكرواتي كان صريحاً، وأعلن أنه قد «يريح» بعض الأساسيين الذين تلقوا بطاقات صفراء في المباراتين السابقتين.



الدنمارك لخطف الصدارة من «الديوك»
سيلعب منتخبا الدنمارك وفرنسا مباراة تعد في غاية الأهمية في الجولة الثالثة من المجموعة الثالثة. وسيدخل المنتخبان ملعب «أولمبيسكس كومبليكس لوزنيكي» في العاصمة موسكو، وهما يطمحان إلى تحقيق الانتصار. ضمن المنتخب الفرنسي تأهله إلى دور ثمن النهائي، لكنه لم يضمن الصدارة، لأنه في حال فوز أو تعادل الدنمارك ستضمن التأهل وتقضي على حظوظ المنتخب الأوسترالي. وتدخل الدنمارك المباراة واضعة الفوز خياراً أول لها حتى لا تدخل في أي حسابات ولتتصدر المجموعة، بغية تفادي كرواتيا الأقرب إلى الصدارة في المجموعة الرابعة. وتتفوق فرنسا تاريخياً بـ 6 انتصارات من أصل 9 مواجهات، والنتيجة الأكبر كانت للدنمارك في أول لقاء بينهما في نصف نهائي الألعاب الأولمبية عام 1908 وانتهت بنتيجة 17 – 1. على الجانب الآخر، تريد فرنسا أن تحقق فوزاً مقنعاً، وخاصةً أن فوزها بأول مباراتين لم يكن بعد أداء مقنع 1ــ0 على البيرو و 2ــ1 على أوستراليا. ويعتمد ديديه ديشامب المدير الفني للفريق، على طريقة لعب 4-3-3، ولكنها لم تظهر بالشكل المتوقع حتى الآن.


أوستراليا لا بديل من الانتصار
يستعد منتخبا أوستراليا والبيرو لخوض اللقاء الأخير بينهما في الجولة الثالثة للمجموعة الثالثة لكأس العالم على ملعب «فيشت الأولمبي» في مدينة سوتشي. ويعد هذا هو اللقاء الأول في التاريخ الذي يجمع المنتخبين، فلم يتقابلا من قبل في أي مباراة، سواء رسمية أو ودية. ويطمع «الكنغر» الأوسترالي في التأهل إلى دور الـ 16 (ثمن النهائي) عبر البوابة البيروفية، وذلك من خلال الفوز في اللقاء في انتظار هدية من فرنسا متصدرة المجموعة والتي ضمنت التأهل بأن تفوز على الدنمارك. ويسعى منتخب أوستراليا لتحقيق الفوز في أكبر عدد ممكن من الأهداف، وهي المهمة التي لن تكون بالسهلة أمام منتخب البيرو الطامح إلى توديع المونديال في انتصار على الأقل. ويأمل المنتخب البيروفي أن يكون وداعه للمونديال لائقاً كونه أحد ممثلي قارة أميركا الجنوبية وتأهل على حساب منتخبات لها تجربة مهمة على الساحة العالمية مثل تشيلي وباراغواي. وستمثل هذه المباراة إضافة كبيرة للبيرو إن سجلت انتصاراً حتى لا تعود بخيبة أمل كبيرة في خسارتها في اللقاءات الثلاثة في دور المجموعات.