حسين ذهب إلى غانا قبل 10 سنوات ويعيش هناك مع زوجته وأطفاله الثلاثة. يشكو عنصرية اللبنانيين، أو ما هو متعارف عنها: في رأيي، في الرياضة ــ وفي غيرها ــ لا يوجد لاعب اسود أو ابيض». ثم ينتقل إلى الحدث، إلى بيت القصيد: «هناك من يقول لنا مثلاً؛ في كأس العالم يجب أن تشجعوا المنتخب الايراني او السعودي او الاماراتي، لأنهم عرب ومسلمون. في الرياضة، أنا مع منتخب الولايات المتحدة الأميركية إذا كان لعبهم جميلاً». بالنسبة الى المغترب اللبناني حسين الحاج: الموضوع نسبي، «في افريقيا، غالباً ما يتأهل منتخب غانا إلى كأس العالم، بالطبع، كشخص يعيش في هذا البلد، ويأكل من خيره، ومن باب الوفاء، سأكون معه واشجعه حتى ولو خاض مباريات مع المنتخب الأوروبي الذي أحب منذ الطفولة». لا يخفي حسين حبه لألمانيا، فالفريق الألماني ليس عادياً، لكن، غانا أقرب إلى القلب، وكذلك نيجيريا... و«الأقربون أولى» بالتشجيع. في جميع الأحوال، النيجيريون لا يحتاجون إلى «دعم فني». كرة القدم تتطلب مهارات فنية وقدرات جسدية، وهذا متوافر. لديهم بنية قوية، وفنيات كبيرة، وشغف أيضاً. انظروا إلى المنتخبات الأوروبية، وإلى دور المهاجرين من افريقيا فيها. «المنتخب النيجيري يتمتع بموهبة هجومية مع أليكس إيوبي، وكيلشي إيناشيو وفيكتور موسيس، كما أن الكابتن ميكيل قدم ثباتاً كبيراً في وسط الملعب»، يقول المتابع. يبدو هذا مقنعاً، فقد تأهل المنتخب النيجيري خمس مرات لمباريات كأس العالم في المونديالات الستة الأخيرة. واليوم، هو الفريق الأول من أفريقيا الذي تأهل إلى كأس العالم في روسيا، بعدما فازوا بمجموعة احتوت على بطل افريقيا الحالي الكاميرون وبطل سابق؛ زامبيا والجزائر، وأكد فوزهم 4-0 على الكاميرون أنهم عندما يحصلون على الفرصة، يمكن أن يكونوا «أفضل النسور». بدوره، يعتبر عبد الله أن المدرب جيرنوت رور كان له تأثير كبير على تطور المنتخب النيجيري، الذي غير مدربيه ثماني مرات منذ كأس العالم الأخيرة في البرازيل. عبد الله «متعصب للدول الأفريقية وينتظر مبارياتهم في المونديال وتشجيعهم تماماً كما لو أنه يشجع منتخب بلاده». حاله من حال اللبنانيين الذين يقيمون في أميركا الجنوبية ويفعلون الأمر نفسه. ولكن في خال غادرت نيجيريا باكراً، يقول عبد الله مازحاً: «سنتحول إلى تشجيع المنتخبات الأخرى من حملة الكؤوس؛ البرازيل وإيطاليا وألمانيا والأرجنتين وفرنسا وإسبانيا».

السنغال يا حبيبتي
وصل أول تاجر من لبنان إلى السنغال في ستينيات القرن التاسع عشر. ومع ذلك، كانت الهجرة المبكرة بطيئة. وبحلول عام 1900، لم يكن هناك سوى مئة لبناني يعيشون في البلد، معظمهم من منطقة صور، كانوا يعملون باعة متجولين في شوارع داكار، سانت لويس، وروفيسك. بعد الحرب العالمية الأولى، بدأوا في الانتقال إلى تجارة الفول السوداني. ومع بداية الانتداب الفرنسي للبنان، توسعت الهجرة اللبنانية بحدة. بعد استقلال السنغال عام 1960، غادر معظم التجار الفرنسيين الصغار البلاد، وبسبب ظروف العمل، وآثار الاستعمار، بدأت تنمو عنصرية ضدّ أصحاب الأرض، قبل أن تستوي في شكلها الحالي. وهي عنصرية فاقعة لدرجة أن أصحابها يرفضون الاعتراف بوجودها أصلاً. رغم ذلك، يميل المهاجرون اللبنانيون وأحفادهم إلى الحفاظ على الجنسية المزدوجة لكل من لبنان والسنغال، وبعضهم أصبح منخرطاً في السياسة السنغالية. تقول سلوى معلّقة: «ولدت ونشأت في داكار، واعتبر نفسي سنغالية، أتعاطف مع أصدقائي السنغاليين، وحتماً أنا مع منتخب السنغال في كأس العالم هذا الصيف، الذي عاد إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى منذ بدايته المذهلة في عام 2002، عندما تغلب على حامل اللقب فرنسا في طريقه للفوز بالدور ربع النهائي، وذلك تعبيراً منا عن الانتماء لهذا البلد». تعرف سلوى أسماء بعض لاعبي المنتخب السنغالي من خلال مشاهدة زوجها لمباريات ليفربول، تقول «أنا أشجع فريق ليفربول أيضاً من أجل السنغالي الرائع ساديو مانيه». سلوى تخلت عن عقد المتكبرين.
يجب الانتباه إلى أن جزءاً وافراً من اللبنانيين لا ينكر عنصريته تجاه افريقيا. يقول مالك الذي يعيش هناك: «هذه الأمور تتعلق بالأخلاق والتربية، الموضوع لا علاقة له بالتمييز العنصري، ولكن، نحن كآسيويين، وشعوب عالم ثالث نتعاطف مع الأفارقة، لأنهم فقراء مثلنا، ويلعبون في كرة القدم مثلنا، فعندما يحققون نتائج نفرح لهم، ونشعر كلما حققوا نتيجة بأننا نحن أيضاً يمكننا أن نحقق مثلها، واللبناني المقيم في افريقيا؛ نيجيريا أو السنغال من الطبيعي أن يتفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه، ويشجع منتخبه». يحاول مالك، بطيبة، محاربة العنصرية، بالعنصرية. وعلى نقيض منه، هناك الذين يحبون افريقيا كما يجب أن يكون الحب بلا تكلف. في معظم المونديالات السابقة، كان لعادل اللبناني المقيم في افريقيا، منتخب أفريقي واحد يضيء أحلام معجبيه: «رقص الكاميروني روجيه ميلا بطريقه إلى الدور ربع النهائي في عام 1990 في واحد من أكثر المسارات رومانسية في تاريخ كأس العالم، ورقصنا نحن في الكاميرون». يحمل ذكريات صادقة بلا أي حسابات أو منة.


تاريخ كبير
من الليبيري جورج ويا، إلى السنغالي الحاج ضيوف الذي لعب مع أندية فرنسية وإنكليزية واسكتلندية، والإيفواري الشهير ديديه دروغبا، الذي ملك قلوب تشلسي وحقق لهم لقب دوري أبطال أوروبا، وصولاً إلى لاعب ليفربول الإنكليزي المالي ساديو ماني، والغيني نابي كيتا نجم لايبزيغ الألماني، وإيريك بايلي صمام الأمان لمانشستر يونايتد، شجع لبنانيون في افريقيا فرقاً أوروبية بسبب مشاركة لاعبين منها تألقوا مع أنديتهم. يقول مرتضى: «لقد كان تأثير افريقيا على بطولات الدوري في أوروبا كبيراً: يكفي أن تذكر؛ ديدييه دروغبا، وصمويل إيتو، والأسطورة يايا توريه، وكولو توريه، وجاي جاي أوكوشا، كلهم جواهر قارتنا الحبيبة، وإذا كنت تحب اللعب الحلو في كرة القدم حتماً ستختار تشجيعهم، وتلاحق الفرق التي يلعبون فيها حتى لو لم تكن مقيماً في أفريقيا».