بعد خيبة أمل مونديال البرازيل 2014، يدخل المنتخب الإسباني عام 2018 إلى المونديال الروسي بتحسينات واضحة على مستوى التشكيلة والأداء والدماء الجديدة التي ضخّت لإسبانيا من لاعبين شباب، لم يكن لهم دور في مونديال البرازيل. ومع مدرّب نادي بورتو السابق، لوبيتيغي، استعادت إسبانيا الشيء الكبير ممّا كانت عليه في السنوات الماضية. لكن طيف المعلم «الكاتالوني» بيب غوارديولا يبقى حاضراً في الأسلوب وفي التكتيك.مرّ المنتخب الإسباني بمراحل عدّة في العشر سنوات الأخيرة. من مرحلة الرّاحل لويس أراغونيس عام 2008، إلى بداية العصر الذهبي لإسبانيا مع المدرّب ديل بوسكي وتحقيق بطولتي المونديال عام 2010 وكأس الأمم الأوروبية عام 2012. تلت هذه المرحلة فترة الهبوط التي عاشها المنتخب في مونديال 2014 ويورو 2016 في فرنسا تحت قيادة ديل بوسكي أيضاً، وصولاً إلى مرحلة الوقوف على القدمين من جديد، بالنسبة إلى المنتخب بقيادة مدرّب شاب له رؤيته الخاصة في إعادة المجد إلى «لا روخا». مونديال روسيا أصبح على الأبواب، ومن الواضح أن المدرّب الجديد خولين لوبيتيغي قد أعاد الهيبة إلى المنتخب الإسباني بعد أن افتقدتها «لا روخا» في آخر بطولتين قاريتين (كأس العالم 2014 ويورو 2016)، فالأرقام تتحدّث عن المدرّب. تصدّر المنتخب الإسباني مجموعته في التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا برصيد 28 نقطة من أصل 30 متوافرة، أي بمعنى فاز المنتخب الإسباني خلال مشوار التصفيات بـ9 مباريات وتعادل في مناسبة وحيدة أمام المنتخب الإيطالي (صاحب المركز الثاني في المجموعة) في إيطاليا. يمتلك لوبيتيغي خط دفاع مكوّناً من ثنائي برشلونة وثنائي ريال مدريد (كارفاخال ــ راموس ــ بيكي ــ جوردي ألبا)، الذين قدّموا أداءً مميّزاً في التصفيات، حيث استقبلت شباك دي خيا حارس المنتخب ثلاثة أهداف فقط على مدار عشر مباريات، ما يدل على صلابة الدفاع والتفاهم الواضح في ما بينهم. ورغم أن التصنيف ليس ثابتاً، يمكن الافتراض أنّ لدى المنتخب الإسباني حالياً أفضل ظهيرين في العالم، فما يقدّمه كل من جوردي ألبا وداني كارفخال مع نادييهما والثبات في المستوى الذي يتمتعان به، يجعلهما أفضل ظهيرين في العالم. الإحصائية التي أمامنا تلخّص لنا طريقة لعب المنتخب الإسباني من حيث التمريرات والدخول إلى العمق، فخمسة أهداف من خارج منطقة الجزاء رقم قليل، ويدلّ على عدم اعتماد لاعبي المدرب لوبيتيغي على التسديد من خارج المنطقة. وعند حديثنا عن إسبانيا، لا يمكن أن ننسى كميّة لاعبي خط الوسط والطفرة الموجودة، فلا أحد يتمنى أن يكون مكان لوبيتيغي ويختار تشكيلة من 11 لاعباً من دون أن يظلم لاعباً يستحق المشاركة أيضاً (تياغو ألكنتارا، إيسكو، ساؤول، أسنسيو، باريخو، إنييستا، كوكي).
عند حديثنا عن إسبانيا لا يمكن أن ننسى كميّة لاعبي خط الوسط والطفرة هناك


يواجه لوبيتيغي اليوم مخاوف تتلخص بعدم توافر المهاجم المناسب، الرّقم 9 في المنتخب. وذلك بعد تراجع مستوى مهاجم تشلسي ألفارو موراتا، وعدم ثبات دييغو كوستا في مستواه في الملعب وخارجه. لكن الخيارات متاجة، وقد يتّجه حينها المدرب إلى الاستعانة بمهاجم سيلتا فيغو إياغو أسباس، في استعادة لنهج غوارديولا. اسباس، يستطيع المراوغة جيداً، واللعب كمهاجم وهمي، وهو أحد أنجح المهاجمين في «الليغا» الموسم الحالي. يقدّم أفضل نسخة عن نفسه.
سجّل إياغو 20 هدفاً حتى الآن في الليغا وصنع خمسة أهداف، أرقام نجدها في لاعب يبلغ من العمر 30 عاماً ولا يلعب في الأندية الكبرى كبرشلونة وريال مدريد والإتلتيكو وفالنسيا. شارك أسباس مع منتخبه الوطني في سبع مناسبات سجّل فيها 3 أهداف، كان آخرها في مرمى المنتخب الأرجنتيني في مباراة ودّية انتهت بفوز منتخب «لا روخا» بسداسية.
لنفترض عدم تمكّن لوبيتيغي من الوصول إلى حل لأزمة المهاجم الإسباني، مع ذلك تنفّذ إسبانيا مقولة «no striker ــ no problem»، حيث لعب المنتخب الإسباني العديد من المباريات من دون رأس حربة صريح. وهنا بالضبط يظهر أثر غوارديولا وتأثيره بالمنتخب. نتيجة مباراة إسبانيا أمام المنتخب الإيطالي (3 ــ 0) في التصفيات في السانتياغو برنابيو توضح لنا كيف تعامل لوبيتيغي مع فكرة غياب المهاجم.
الثّقل كان في خط وسط المنتخب، إنييستا وإيسكو الذي كان نجم المباراة دون منازع، بالإضافة إلى تياغو وكوكي وسيرجيو بوسكيتس، فكانت التشكيلة التي دخل بها لوبيتيغي المباراة تعتمد على لاعب ارتكاز وحيد، هو ببوسكيتس، بينما مُنحت الحرّية الكاملة لرباعي المقدمة.
هكذا، سيدخل منتخب «لاروخا» المونديال في روسيا ضمن مجموعة ليست بالسهلة. فأن يكون بجانبك كل من البرتغال وإيران والمغرب، يعني أن التركيز العالي والإصرار والجدّية في التعامل مع هذه المباريات هو الحل.
لا نستبعد أن تتصدّر إسبانيا المجموعة، إلاّ أن لا شيء يمكن أن نتوقّعه في عالم كرة القدم، فالمنتخب المغربي الذي لم يتلقّ أي هدف في التصفيات الأفريقية، إلى جانب منتخب إيران الذي هو بدوره أيضاً تلقى هدفين فقط في مشواره خلال التصفيات الآسيوية، قد يسبّبان المشاكل للماتادور، رغم جبروته، وحضور «فلسفة المستر بيب» بين صفوفه.