خاض المسلمون خلال تاريخهم فتوحات عديدة، وفي أوائل القرن الثامن غزوا الممالك الجرمانية وسيطروا على معظم شبه الجزيرة الإيبيرية، التي كانت تضم منطقةً عرفت باسم لوزيتانيا. كان يفوح منها عطر زهر الليمون. لوزيتانيا التي اشتهرت بإنتاج الموالح وبمزارع البرتقال وحقول الحمضيات الغنية، أطلق عليها العرب اسم «بلاد البرتقال»، ليتحول الاسم لاحقاً إلى «البرتغال». وهذه إحدى القصص. القصة الثانية تقول، إن مدينتين، هما بورتو وغال اتحدتا. وقصص أخرى كثيرة. البرتغال تاريخ طويل، في الحضارة، وفي كرة القدم أيضاً. «جارة إسبانيا» تشتهر بجبال سينترا الهادئة وشواطئ كاسكايس الدافئة، كرة القدم هي اللعبة الأشهر والأقدم فيها، إذ أخرجت البرتغال العديد من اللاعبين اللامعين على مستوى العالم
نعود بالتاريخ إلى عام 1914. آنذاك، اجتمعت 3 جمعيات برتغالية مستقلة. لشبونة وبورتو وبورتا لغري، لتتفق على تأسيس «الاتحاد البرتغالي لكرة القدم» كي يكون المشرف على كرة القدم البرتغالية. ولكن بسبب الحرب العالمية الأولى وتداعياتها، لم يلعب المنتخب مباراته الأولى حتى عام 1921، التي انتهت بهزيمته أمام إسبانيا بثلاثة أهداف لواحد. مشاركة البرتغال الأولى في كأس العالم كانت في عام 1966، ولكن على الرغم من المستوى المميز الذي قدمه اللاعبون في البطولة، إلا أنّ عجلة المنتخب توقفت في الدور نصف النهائي بعد خسارتهم 2 ــ 1 أمام منتخب إنكلترا، ليحلّ المنتخب في المرتبة الثالثة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم. بعد ذلك، تأهلت البرتغال 4 مرات لنهائيات كأس العالم في أعوام 1986 و2002 و2006 و2010، لكنها لم تفز بأيٍّ منها.
وعلى صعيد مشاركاتها في كأس الأمم الأوروبية، شاركت البرتغال 6 مرات في منافسات كأس أمم أوروبا، بدءاً من 1984 وصولاً إلى 2016. وقد شارفت للمرة الأولى على احتضان اللقب في 2004 عندما أقيمت البطولة على أرضه، إلا أنّ المنتخب اليوناني كان بالمرصاد، وفاز في النهائي بعد تسجيل هدفٍ وحيد في مرمى البرتغال.
لكن عام 2016 حمل مفاجأةً سارّة لـ«الملاحين»، إذ تمكن رجال المدرب فرناندو سانتوس أخيراً من تذوق طعم الانتصار الأوروبي بعدما حققوا بطولة أمم أوروبا لكرة القدم على حساب منتخب «الديوك»، والمفارقة، أنّ ذلك حدث على أرض «الديوك» تحديداً، كما خسرت البرتغال على أرضها، قبل أعوام.
يحتضن الملعب الوطني في لشبونة الذي يتسع لـ39 ألف متفرجٍ مباريات المنتخب، ويشتهر بالقميص الأحمر الداكن المزين بأرقام ذهبية. ولكن، عدد البرتغاليين الذين ينتظرون نتيجة إيجابية في موسكو يتجاوز 39 ألفاً بكثير. البرتغاليون ذاهبون إلى روسيا، ذهابهم إلى «الفتوحات» القديمة.

كريستيانو رونالدو: صائد البطولات
شارك كريستيانو مع المنتخب البرتغالي للمرة الأولى عام 2003(أرشيف)

هو لاعبٌ لا تخفى تسديداته ولا تغيب مراوغاته عن ذهن أي محب لكرة القدم. إن كنت محباً له أو كارهاً، فلا يمكنك إنكار حقيقة أنه من الأفضل. ابن الطاهية وبستاني المدينة، شقّ بموهبته واجتهاده طريقه نحو النجومية. هو كريستيانو رونالدو دوس سانتوس أفييرو، أشهر لاعب أخرجته البرتغال عبر تاريخها.
استهل ابن أحياء ماديرا دربه الكروي مع نادي «أندورينها» للهواة، حيث كان والده مدرب الفريق. انتقل بعدها إلى نادي ناسيونال ماديرا المحلي، قبل أن يوقع عقده مع نادي سبورتينغ لشبونة، الذي برزت فيه قدرات الشاب كريستيانوومهاراته. هناك، «لمحه» السير أليكس فيرغسون، المدرب السابق لنادي مانشستر يونايتد. كان أول المهتمين بالموهبة البرتغالية، ليصبح رونالدو إثر ذلك أول لاعب برتغالي ينتقل إلى صفوف النادي الإنكليزي. ثلاث سنوات أمضاها «صاروخ ماديرا» مع نادي مانشستر يونايتد، أثبت فيها أنّ ثقة فيرغسون به واختياره له كانت في محلها. لعب 196 مباراة في الدوري الإنكليزي سجل خلالها 84 هدفاً وصنع 34 آخرين. وهناك حاز الكرة الذهبية لأول مرة، وحصل على جائزة بوشكاش، وفاز بالدوري الإنكليزي، كأس الاتحاد، الدرع الخيرية، كأس الرابطة الإنكليزية، كأس العالم للأندية ودوري أبطال أوروبا. بطولات لا تحصى في خزائنه، عندما كان عمره في بدايته.
حقق «صائد البطولات» ما يحلم كل لاعب بتحقيقه مع ناديه. سارع نادي ريال مدريد الإسباني إلى خطفه عام 2009 بصفقة بلغت قيمتها 80 مليون يورو. 80 ألف مشجع ملأوا مدرجات ملعب السانتياغو برنابيو. كان استقبالاً مهيباً للدون. انتظروا منه الكثير. وفعلاً، لم تخب توقعات المشجعين برونالدو، إذ حطم النجم البرتغالي أرقاماً قياسية عديدة مع نادي ريال مدريد، وتوّج بالكثير من الجوائز الفردية والجماعية. في جعبته سجلٌ تهديفيٌّ مميز. لعب 422 مباراة بقميص الميرينغيز، سجل خلالها 430 هدفاً، وصنع 129 هدفاً آخر، فأصبح الهداف التاريخي للنادي ولبطولة دوري أبطال أوروبا برصيد 109 أهداف. قاد «رجل الأرقام القياسية» فريقه للفوز بكل الألقاب والتتويج بجميع البطولات، ليحصل على أربع كرات ذهبية ويصبح نجم الفريق الأول.
إنجازات البرتغالي لم تقتصر على صعيد الأندية، بل كان لمنتخبه الوطني نصيبٌ وافرٌ منها أيضاً. شارك كريستيانو مع المنتخب البرتغالي للمرة الأولى عام 2003 في مباراةٍ فازوا فيها على منتخب كازاخستان. انضم العام التالي إلى زملائه المشاركين في بطولة كأس الأمم الأوروبية، وسجل أول أهدافه في المباراة الافتتاحية ضد المنتخب اليوناني. أسهم «الدون» في وصول منتخبه إلى الدور النهائي، وعلى الرغم من الخسارة إلا أنه اختير ضمن تشكيلة نجوم كأس الأمم الأوروبية لهذه البطولة. ولكن ما فعله النجم العالمي عام 2016 لم يتمكن من تحقيقه أبرز أساطير المنتخب البرتغالي، فهو قاد البرتغال إلى لقب كأس أمم أوروبا في فرنسا، ليحمل ورفاقه الكأس التي طالماً منّوا أنفسهم بالحصول عليها.
نهمه الهجومي لا حدود له. يحمل رونالدو لقب الهداف التاريخي أيضاً للمنتخب البرتغالي بوصوله إلى الهدف رقم 81، كذلك فإنه الأكثر مشاركة في عدد المباريات بوصوله إلى حاجز الـ148 مباراة. لذلك، لم يكن مستغرباً اختيار الاتحاد البرتغالي له مطلع عام 2015 كأفضل لاعبٍ في تاريخ البرتغال. مهمةٌ صعبةٌ في انتظار «صاروخ ماديرا» ورفاقه في بطولة كأس العالم التي شارفت على الانطلاق، فهل يتوّجون بالكأس التي تفتقدها خزانة المنتخب؟


منتخب «المستعمرات»

توزعت مستعمرات المملكة البرتغالية مع بداية القرن الخامس عشر، فامتدت إلى إفريقيا وأميركا اللاتينية وبالتحديد إلى البرازيل. اللافت بعد مئات السنين أن العديد من لاعبي المنتخب البرتغالي جاؤوا من إفريقيا وأميركا الجنوبية. منهم من اعتزل ومنهم من ينتظر. ولد كيبلير لافيران ليما فيريرا «بيبي» في البرازيل مثلاً، وبدأ باللعب مع منتخب البرتغال لكرة القدم في عام 2007. حقق مع المنتخب يورو 2016، ويأتي إلى جانبه أيضاً برونو ألفيس من البرازيل، وقد سبقهما إلى ذلك ديكو لاعب برشلونة وتشلسي سابقاً. لويس كارلوس ألميدا دا كونا «ناني» مواليد 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 في برايا في كيب فيردي (الرأس الأخضر) يلعب مع المنتخب منذ عام 2006، وكانت له تجارب عديدة، أبرزها مع مانشستر يونايتد في الدوري الإنكليزي حيث توج معه بدوري أبطال أوروبا عام 2008. وينحدر أيضاً من أصول إفريقية وبالتحديد كيب فيردي ريناتو سانشيز، سيلفيستر فاريلا، غيلسون مارتينز، رولاندو. جاء إيدير الذي سجل هدف الفوز على فرنسا في نهائي كأس أمم أوروبا من غينيا، إضافةً إلى إليسيو ودانيلو.


أوزيبيو

أوزيبيو دا سيلفا فيريرا أوزيبيو، هو أول نجوم كرة القدم البرتغالية، وأحد أفضل اللاعبين في العالم. لعب 64 مباراة بقميص المنتخب البرتغالي، سجل فيها 41 هدفاً، كذلك سجل 733 هدفاً في 745 مباراة لعبها محترفاً. خاض تجربة احترافية في مجموعة من الدول، ليحقق 32 لقباً في جميع الأندية التي لعب لها. «الفهد الأسمر» قاد المنتخب البرتغالي لأفضل إنجاز في تاريخه، باحتلال المركز الثالث في كأس العالم 1966، وتوّج هدافاً للبطولة برصيد 9 أهداف.

لويس فيغو
هو لويس فيلبي مادييرا كاييرو فيجو، أحد أفضل اللاعبين الذين مروا في تاريخ المنتخب البرتغالي بكافة المراحل العمرية. شارك مع المنتخب في بطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 16 عاماً، وبعد عامين فاز مع البرتغال ببطولة كأس العالم تحت 20 سنة. يعدّ أحد أكثر اللاعبين مشاركةً مع البرتغال، حيث خاض مع المنتخب 127 لقاءً سجل فيها 32 هدفاً. بدأ مسيرته الاحترافية مع نادي سبورتينغ لشبونة، ليلعب بعدها لكلا الغريمين ريال مدريد وبرشلونة، ثم توجه لاحقاً إلى إيطاليا للعب في صفوف نادي إنتر ميلان الإيطالي واعتزل هناك.