بعد حوالى العقد على أكثر المعارك القضائية جدلاً في تاريخ تركيا، نقضت المحكمة التركية العليا، أمس، الأحكام المشددة التي صدرت عام 2013 بحق عشرات الضباط الأتراك، في قضية «إرغينيكون»، والذين اتهموا بتدبير انقلاب ضدّ الحكومة.ووفق وكالة «الأناضول» التركية، فإن المحكمة عزت سبب نقض الأحكام إلى «عدم كفاية الأدلة» بشأن وجود «تنظيم إرهابي» سعى إلى إطاحة حكومة رئيس الوزراء في حينه ورئيس الجمهورية الحالي، رجب طيب أردوغان. وأضافت المحكمة العليا أنها نقضت تلك الأحكام أيضا لاستناد المحكمة التي أصدرتها إلى إفادات من شهود سريين وعمليات تنصت غير قانونية على عناصر في وكالة الاستخبارات الوطنية وعمليات تفتيش جرت خلافا للقانون.
وتعود جذور قضية «إرغينيكون» إلى عام 2007، حين عثر على متفجرات في منزل ضابط سابق في الجيش، اعتبرها الادعاء العام بأنها مرتبطة بـ«مؤامرة كبرى». وبعد سبع سنوات، جرت محاكمة سياسيين وصحافيين وضباط، بتهمة تدبيرهم للمؤامرة بهدف إطاحة حكومة «حزب العدالة والتنمية». وفي عام 2014، وصفت محكمة تركية لأول مرة «شبكة إرغينيكون» بأنها «منظمة إرهابية مسلحة». وقبلها بعامين، في آب 2012، أصدرت المحكمة نفسها في إطار قضية أخرى أحكاما بالسجن على أكثر من 300 عسكري بينهم ضباط كبار بعد إدانتهم بمحاولة تآمر أخرى قيل إنها حصلت في 2003 ضد حكومة أردوغان.
ونددت المعارضة بتلك المحاكمة ورأت أن خلفيتها سياسية ومحاولة من الحكومة لقمع مناهضيها. ونُظر إليها بأنها ساهمت بالحدّ من سلطة الجيش على الدولة. واعتبر ناشطون حينها أن عدالة تلك الأحكام محط شك، وخصوصا لجهة التوقيف الطويل لبعض المتهمين، كما أنها طاولت عددا كبيرا من الأشخاص تحت قوانين «غير واضحة» لمكافحة الإرهاب. كذلك، فقد غيرت تلك المحاكمات النظرة إلى الحكومة بقيادة «حزب العدالة والتنمية»، وفق تقرير لـ «بي بي سي» عام 2013، من أنها «تقدمية» إلى كونها «سلطوية»، وهو ما مثّل دافعا لدى العديد من الأشخاص للنزول إلى الشارع، في ذلك الوقت، والتظاهر. ووفق «ذا أتلانتيك»، فإنّ قضية «إرغينيكون» مثّلت عامل تراجع بالنسبة للسيطرة التي كان يتمتع بها الجيش، لذا، فإنه من غير الواضح بعد كيف سيؤثر حكم يوم أمس على دور الجيش في المستقبل.

(الأخبار، أ ف ب)