سرق اعتداء الأمن التركي على متظاهرين مناهضين للسلطة التركية أمام معهد «بروكينغز» في العاصمة واشنطن، مساء أول من أمس، الأضواء من لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره الأميركي، باراك أوباما، على هامش قمة الأمن النووي.
وفي خلال 70 دقيقة، استعاد أردوغان «موضوعه المألوف» في كلمته أمام «بروكينغز»، كما يشير تقرير في «فورين بوليسي»، والذي يتمثل «بلوم واشنطن بشدة لدعمها وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا». وذكّر أردوغان بمطلبه بإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري بمساعدة «حلف شمال الأطلسي». إلّا أنّ همّه الأساسي كان القول إنّ «وحدات حماية الشعب» في سوريا «إرهابية» مثل تنظيم «داعش»، مع الإشارة إلى أنه استنكر في بداية خطابه اعتداءات باريس وبروكسل.
ويرى تقرير لـ«فورين بوليسي» أن زيارة أردوغان تأتي في سياق رغبته بإصلاح الصدع المتسع مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن مستقبل «التحالف الدولي» ضدّ «داعش». وأشار أردوغان مسبقاً في مقابلة مع «سي أن أن» أعقبت وصوله واشنطن، إلى أن الدول الأوروبية «قد فشلت في تدارك خطر الإرهاب وفي اتخاذ التدابير الكافية لوقفه»، ملقياً بالملامة على بعض الدول الأوروبية بالسماح لتنظيم «داعش» بالتمدد. كذلك، في خلال عشاءٍ غير رسميّ في واشنطن، لم يتوانَ الرئيس التركي عن لوم «التغطية الإعلامية الغربية لسياسات حكومته»، ولام البيت الأبيض لدعمه المقاتلين الأكراد في سوريا.
إلّا أن الخطاب، الذي لم يحمل جديداً، غلبت عليه الفوضى التي كانت تدور خارج أبواب المعهد. ونقل أحد صحافيي مجلة «فورين بوليسي» الأميركيّة أجواء «الجنون» التي سادت. وأوضح يوشي ديرزن في تقريره في المجلّة أن «خطاباً مخططاً له للقائد التركي المثير للجدل رجب طيب أردوغان آل إلى عنف وفوضى، حيث أخرجت قوات الأمن التركية أحد الصحافيين من المكان لمنعه من حضور الحدث، فيما ضربوا صحافياً آخر، وألقيت صحافية أخرى على الرصيف».
وتطورت الأمور حتى اضطر عناصر من شرطة واشنطن التدخل لمنع الأمن التركي من الوصول إلى المتظاهرين والصحافيين، وحاولوا منعهم من الاعتداء على أحد المصورين الموجودين في المكان. ووصل الأمر بأحد عناصر شرطة واشنطن بأن صرخ بوجه عناصر الأمن التركي: «أنتم جزء من المشكلة، سيطروا على أنفسكم ودعوا هؤلاء الأشخاص يتظاهرون».
وعلّقت المتحدّثة باسم «بروكينغز» على الحدث قائلةً إن المعهد بذل جهداً كبيراً للتأكد من أن «الصحافيين وباقي الضيوف الذين سجلوا حضورهم مسبقاً للحدث تمكنوا من الدخول». وأضافت أنها تعتقد أن كل الصحافيين المسجلين قد تمكنوا من الدخول.
وكان الرئيس التركي قد رفض مسبقاً «الانتقادات» التي وجهت له بأنه «يقود حرباً ضدّ الصحافة»، معتبراً، في المقابلة مع «سي أن أن»، أن «الانتقاد شيء أما الإهانة شيء آخر». وأكّد أرودغان في المقابلة أنه «لا يقود حرباً ضد الصحافة»، بل رأى أنه كان «صبوراً جداً» بوجه الانتقادات التي وجهت إليه وإلى حكومته من قبل بعض وسائل الإعلام. وأضاف أنّ بلاده كانت من أول المتقدمين بطلبٍ للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، «لكننا ما زلنا ننتظر عند عتبة بابهم»، معتبراً حرية الصحافة عائقاً غير واقعي في تأجيل دخول تركيا إلى الاتحاد.
ورغم أنّه لم يكن من المتوقع أن يلتقي أردوغان بأوباما، في ظل العلاقةِ المتوترة بين البلدين، إلّا أنّ اللقاء قد حصل بالفعل، مساء الخميس على هامش القمة. لكنه لم يكن على مستوى طموحات أردوغان. فقد كان الرئيس التركي يأمل حضور نظيره إلى افتتاح مسجد برعاية تركيا في منطقة ماريلاند خلال زيارته، إلّا أن البيت الأبيض لم يلبِّ طلبه. وجاء في بيانٍ للبيت الأبيض، أمس، أن الرئيس الأميركي أكد التزام الولايات المتحدة أمن تركيا. وأضاف البيت الأبيض أن أوباما «قدم تعازيه إلى الرئيس أردوغان باسم الشعب الأميركي بمن قتلوا وأصيبوا في الهجوم الإرهابي الذي وقع في ديار بكر»، مؤكداً «دعم الولايات المتحدة لأمن تركيا ولنضالنا المشترك ضد الإرهاب». وقال مكتب الرئاسة التركية إن الرئيسين ناقشا أيضاً التعاون في حل أزمة اللاجئين وكيفية تكثيف الجهود في الحرب ضد «داعش».
(الأخبار)




...وأنقرة تستأنف محاكمة الصحافيين

استؤنفت في جلسة مغلقة، أمس، محاكمة صحافيين تركيين معارضين متهمين بالتجسس، نشرا منذ عامين تحقيقاً يظهر بالصور والفيديو شاحنات لجهاز الاستخبارت التركي تنقل أسلحة لمسلحين في سوريا. ويُتهم رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت»، جان دوندار، ومدير مكتب الصحيفة في أنقرة، أردم غول، وهما المعارضان الشرسان للحكومة التركية، بالتجسس وكشف أسرار الدولة والسعي إلى قلب نظام الحكم ومساعدة منظمة إرهابية.
وقال دوندار لدى وصوله إلى المحكمة: «سننتصر! إنّ التاريخ يظهر أننا ننتصر دائماً ونعتقد أن القوانين ستنصفنا وستتم تبرئتنا»، معتبراً أن أردوغان هو من يجب «أن يكون في قفص الاتهام». بينما قال غول إن «الصحافة هي التي تحاكم اليوم. لا داعي لهذه المحاكمة لأن مهنة الصحافة ليست جريمة». وقرّرالقضاء الإبقاء على قرار منع الصحافيين من مغادرة تركيا وإرجاء الجلسة إلى 22 نيسان/أبريل.
من جهة أخرى، احتج «نادي الصحافة الوطني»، وهو منظمة أميركية كبرى للصحافيين، بشدة على اعتداء أمن أردوغان على متظاهرين في واشنطن، واعتبر رئيسه، توماس بور، في بيان أنه «لا يحق لأردوغان تصدير» الانتهاكات لحقوق الإنسان وللصحافة التي يمارسها في تركيا إلى الولايات المتحدة.

(أ ف ب)