انتهت قمة الأمن النووي التي عقدت في العاصمة الأميركية واشنطن، أمس، والتي قد تكون القمة الأخيرة للرئيس الأميركي، باراك أوباما، قبل مغادرته البيت الأبيض. وأبرز ما جرى فيها، المحادثات الثنائية التي جمعت الرئيسين الصيني والأميركي، وذلك في ظلّ امتناع روسيا عن المشاركة.
وحذّر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في كلمةٍ أمس، من استيلاء «المجانين» من أمثال تنظيم «داعش» على مواد نووية أو «قنبلة قذرة»، مشيراً إلى أن الدليل على ذلك أن «متطرفين مرتبطين باعتداءات باريس وبروكسل صوّروا أحد العاملين في منشأة نووية في بلجيكا». ورأى الرئيس الأميركي أن «العالم خفض بنحو ملموس خطر الأسلحة النووية». وتوقع كذلك تفعيل «اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية»، بشكلها الموسع، قريباً.
وأردف أوباما بأن هناك «نحو 2000 طن من المواد النووية حول العالم، لا تخضع جميعها لحماية جيدة»، محذراً من أن قنبلةً صغيرة، تحتوي على مواد انشطارية بحجم تفاحة، قد تهزّ العالم. وقال إن «كمية صغيرةً من البلوتونيوم قد تقتل وتصيب مئات الآلاف من الأشخاص. ستكون كارثة إنسانية وسياسية واقتصادية وبيئية ذات تداعيات على مستوى العالم قد تستمرّ لعقود»، مشيراً إلى أنّ حصول مثل هذه الكارثة «سيغيّر عالمنا».
وقد التقى الرئيس الأميركي، أمس، بقادة الدول التي شاركت بمفاوضات الاتفاق النووي الإيراني. واعتبر أوباما أن الجهود التي أسهمت بالتوصل إلى الاتفاق تتضمن «مفاوضات مكثفة وعقوبات قوية». وقال إن عودة إيران إلى الاقتصاد العالمي «ستستغرق وقتاً». ورأى أن إيران «بدأت تشهد فعلاً فوائد هذا الاتفاق».
في سياقٍ متصل، أشار تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى أنّ أكثر ما كان محط أنظار في القمة هو لقاء أوباما بنظيره الصيني، شي جين بينغ. وأعلن الرئيسان أن الصين والولايات المتحدة ستوقعان اتفاقاً بشأن التغير المناخي في خلال الشهر الجاري، «الذي يعتبر نقطة تعاون إيجابية في العلاقة بين البلدين». إلّا أنّ قضايا أكثر تعقيداً كانت محطّ النقاش بينهما، وخصوصاً بحر الصين الجنوبي، حيث تنتقد الولايات المتحدة بناء الصين لمنشآت عسكريّة في المنطقة. وأشار أوباما في هذا الصدد إلى أن «الولايات المتحدة، مثل الصين، ومثل دول أخرى، لديها مصالح في بحر الصين الجنوبي».
من جانبه، رأى الرئيس الصيني أن «لبلدينا بعض الخلافات»، لكن «علينا تجنّب هذه الخلافات والتمايزات في وجهات نظر واحترام بعضنا المصالح الأساسية لبعضنا الآخر»، في ما يُعَدّ «بمثابة تحذير لطيف للولايات المتحدة بعدم التدخل ببحر الصين الجنوبي»، كما أشار تقرير «نيويورك تايمز». واتفق الطرفان أيضاً على ضرورة البدء بجولة جديدة للبحث بعقوبات من الأمم المتحدة ضدّ كوريا الشمالية.
كذلك، تعهد زعماء الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية بعضهم بأمن بعض، في ظل التهديدات الكورية الشمالية. وقال أوباما، بعد لقائه رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، ورئيسة كوريا الجنوبية، بارك جون هاي، أول أمس، إن الدول الثلاث اتفقت على تعميق التعاون بينها. وقالت بارك أيضاً إن القادة ناقشوا سبل الحيلولة دون تطوير كوريا الشمالية قدراتها النووية. وقالت الولايات المتحدة واليابان، أمس، إنهما استكملتا إزالة كل اليورانيوم عالي التخصيب ووقود البلوتونيوم المفصول من موقع مشروع بحثي ياباني. وأضاف البلدان، في بيان مشترك صدر خلال القمة، أن العملية «تصبّ في هدفنا المشترك لتقليل مخزونات اليورانيوم العالي التخصيب ووقود البولتونيوم المفصول حول العالم، ما يساعد على منع العناصر غير المصرح لهم مثل المجرمين والإرهابيين من الحصول على مثل هذه المواد».
من جهة أخرى، رأى رئيس الوزراء الهندي، نارندا مودي، في كلمةٍ له خلال قمة الأمن النووي، أول أمس، أنه «لن يكون هناك ردع للإرهاب النووي ما لم يقمع الإرهاب أولاً»، في إشارةٍ إلى باكستان المتهمة بالتساهل مع بعض التنظيمات الإرهابية. ورأى مودي أن اعتداءات بروكسل تظهر مدى حقيقة التهديد النووي الإرهابي. وأشارت الخارجية الهندية إلى أن مودي، الذي أدلى بتصريحه في خلال عشاء في البيت الأبيض، قال إنه يجب التخلي عن «مفهوم أن الإرهاب هي مشكلة الآخرين»، مركزاً على «ثلاث ميزات معاصرة» للإرهاب ومنها «وجود جهات حكومية تعمل مع تجار المواد النووية والإرهابيين». ودعا «كافة الدول إلى العمل على التزاماتها الدولية في موضوع الأمن النووي».
وكان من المقرر أن يقوم رئيس الوزراء الهندي بمحادثات ثنائية مع رؤساء كندا وبريطانيا والأرجنتين، أمس، ومن ثمّ سيقوم بزيارة للسعودية قبل العودة إلى الهند.

(الأخبار، رويترز)